أخبار اقتصادية- عالمية

استراتيجية انخراط متعددة الأبعاد .. الصين تعمق نفوذها في أمريكا اللاتينية بـ «النووي والتكنولوجيا»

استراتيجية انخراط متعددة الأبعاد .. الصين تعمق نفوذها في أمريكا اللاتينية بـ «النووي والتكنولوجيا»

تسعى الصين باستمرار إلى تأكيد نفوذها في المناطق التي تشهد نشاطا لها بالفعل، بل وتبحث عن مناطق نفوذ جديدة لتعزيز ريادتها الاقتصادية على المستوى العالمي، عبر أدوات يتصدرها قطاع التكنولوجيا والجيل الخامس والذكاء الاصطناعي والطاقة النووية.
وبهدف توسيع جدول أعمالها الاقتصادي تعمل على تعميق انخراطها في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، حسبما أوضح ما تشاو شو نائب وزير الخارجية الصيني في قمة سابقة بين بلاده ودول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.
وفي تحليل نشره معهد جيتستون الأمريكي، قالت جوديث بيرجمان الكاتبة الصحافية والمحامية والمحللة السياسية إن "القمة أسفرت عن خطة عمل مشتركة تعزز التعاون الاقتصادي بين الصين وتلك الدول في مختلف المجالات مثل الزراعة والغذاء والعلوم والتكنولوجيا والصناعة والبنية التحتية والطيران والطاقة والسياحة".
وأكدت أن اللقاءات المشتركة عملت على تعمق نفوذ الصين في المنطقة من خلال التعاون في مجالات التعليم والبحث والرياضة، حيث تشير خطة العمل مباشرة، على سبيل المثال، إلى أن أعضاء المنتدى من أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي "دعموا الصين في استضافة دورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية الشتوية في بكين 2022" التي جرت في آذار (مارس).
وفي العامين المقبلين، بين 2022، و2024، تهدف الصين، وفقا لخطتها المشتركة مع تلك الدول وكجزء من سعيها لتصبح رائدة التكنولوجيا العالمية في العالم، إلى تزويد دول المنطقة بخمسة آلاف منحة دراسية حكومية وثلاثة آلاف موقع تدريب في مجال التعليم والبحث في الداخل الصيني.
ويمتد هذا التعاون أيضا إلى الفضاء، فضلا عن الطاقة النووية والتكنولوجيا النووية، وتهدف الخطة أيضا إلى تعزيز التعاون في مجال معدات اتصالات الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي.
وبحسب "الألمانية"، تشير خطة العمل أيضا إلى بناء شبكات من المدن والمقاطعات الشقيقة بين دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي والصين. ووفقا لتقرير "نفوذ الصين ومصالحها الأمريكية" الصادر في 2018 عن مجموعة العمل المعنية بأنشطة النفوذ الصيني في الولايات المتحدة، نشرته مؤسسة هوفر إنستوتيوشن برس "تسعى الصين إلى إقامة علاقات بين المدن الشقيقة في إطار منظمة تسمى جمعية الشعب الصيني للصداقة مع الدول الأجنبية".
وأضاف أن "تلك الجمعية تهدف إلى تعزيز حكم الحزب الشيوعي الصيني وزيادة نفوذ الصين في الخارج. وتم تنشيط الجمعية تحت إدارة شي جين بينج زعيم الحزب الشيوعي، في الوقت الذي تسعى فيه الصين إلى إعداد قادة الأعمال والسياسيين والإعلاميين المحليين في دول حول العالم".
وعلى المنوال نفسه، ستسعى خطة العمل بين الصين وأمريكا اللاتينية إلى "تعزيز التبادلات بين الكيانات المشاركة في الصداقة بين الشعوب، ومواصلة عقد منتدى الصداقة بين الصين وأمريكا اللاتينية والكاريبي". ومع ذلك، فإن مثل هذه الأنشطة التي تبدو حميدة هي وسيلة حميدة بشكل أقل للتأثير السري.
وتقول البروفيسور آن ماري برادي أستاذة العلوم السياسية "في الشؤون الخارجية، أحيت إدارة شي سياسات الحزب الشيوعي الصيني التقليدية المتمثلة في استخدام العلاقات بين الشعوب.. علاقات من أجل استمالة الأجانب لدعم وتعزيز أهداف السياسة الخارجية للصين".
ووفقا لبرادي، فإن أحد الطرق التي يقومون بها في ذلك هي "تعزيز علاقات المدن الشقيقة لتوسيع جدول الأعمال الاقتصادي للصين بشكل منفصل عن السياسة الخارجية لدولة معينة. والمنظمة الأمامية للحزب الشيوعي الصيني، جمعية الشعب الصيني للصداقة مع الدول الأجنبية هي المسؤولة عن هذا النشاط".
وتتمتع الصين بالفعل بنفوذ كبير في أمريكا اللاتينية، لكن خطة العمل الجديدة تعد بنقل هذا النفوذ إلى مستويات جديدة، إنها تظهر إلى أي مدى تهدف الصين إلى الاستحواذ على أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.
وقال إيفان إليس الأستاذ في الكلية الحربية للجيش الأمريكي "الصينيون لا يقولون نريد الاستحواذ على أمريكا اللاتينية، لكنهم وضعوا بوضوح استراتيجية انخراط متعددة الأبعاد، التي إذا نجحت، من شأنها أن توسع بشكل كبير نفوذهم".
إضافة إلى ذلك، تشهد أمريكا اللاتينية ارتفاعا في انتخابات الحكومات اليسارية، حيث تعد البرازيل أحدث دولة تصوت لمصلحة زعيم اشتراكي، ما يزيد من تعزيز نفوذ الصين في المنطقة. وفي كانون الأول (ديسمبر)، قطعت نيكاراجوا علاقاتها مع تايوان.
وأضاف إليس "في جميع أنحاء المنطقة، ستكون الحكومات اليسارية مستعدة بشكل خاص للعمل مع الصينيين بشأن العقود بين الحكومات، وربما فيما يتعلق بالتعاون الأمني وكذلك التعاون التكنولوجي".
وبلغت تجارة الصين مع أمريكا اللاتينية 450 مليار دولار العام الماضي ارتفاعا من 180 مليار دولار في 2010. وقدر المنتدى الاقتصادي العالمي أن التجارة مع المنطقة ستتجاوز 700 مليار دولار بحلول 2035، أي أكثر من ضعف ما كانت عليه في 2000.
كما أن معاهد كونفوشيوس، وهي أدوات للنفوذ الصيني في جميع أنحاء العالم "تخضع لإشراف بمشاركة مكثفة" من قبل إدارة عمل الجبهة المتحدة التابعة للحزب الشيوعي الصيني، وفقا لمعهد السياسة الاستراتيجية الأسترالي، وهي أيضا جزء أساسي من الخطة المشتركة، التي تنص على أن أحد طموحاتها هو فتح مزيد من معاهد كونفوشيوس والفصول الدراسية في الجامعات والمدارس في أمريكا اللاتينية.
ولدى دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي حاليا نحو 43 معهدا لكونفوشيوس، ما يترك إمكانات كبيرة للنمو.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية