Author

جولة الشراكات والفرص والتوازنات

|

ليس هناك حدود في حراك تنمية وتقوية العلاقات السعودية مع القارة الآسيوية، وهذا التوجه يمثل استراتيجية ثابتة على مستوى القيادة في البلاد، ويدخل ضمن الأسس، التي قامت عليها رؤية المملكة 2030، وعلى رأسها دعم العلاقات الدولية في كل الميادين والمناسبات، انطلاقا من الشعار العريض "السعودية أولا".
من هنا، تأتي الجولة الآسيوية المهمة التي يقوم بها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إنها جولة عمل أنتجت سلسلة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والمبادرات، كما أضافت مزيدا من القوة إلى شكل العلاقات، التي تجمع الرياض بالعواصم الآسيوية الأساسية. مع ضرورة الإشارة إلى أن جولة كهذه، زادت من زخم نشاط تنفيذ الاتفاقيات والعقود الموجودة فعلا بين طرفي هذه العلاقة الدولية المحورية.
قدمت السعودية من خلال مشاركتها في قمة "مجموعة العشرين" في إندونيسيا، سلسلة من المبادرات، كانت منطلقا لهذه الجولة، التي شملت أيضا دعوة ولي العهد إلى قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ "أبيك". فهذا المنتدى الحكومي الدولي، الذي يضم 21 دولة، من بينها الولايات المتحدة واليابان والصين وكوريا الجنوبية وغيرها، يعرف مدى ثقل السعودية على الساحة الدولية، ودورها الأساسي ليس فقط في تنمية العلاقات الدولية، بل في المساهمة المباشرة في الاستقرار العالمي أيضا، عبر سياساتها المتوازنة على الصعيدين السياسي والاقتصادي. إلى جانب طبعا، المبادرات التي تقوم بها الرياض لضمان توازن الطاقة في السوق العالمية، وتذليل أي عقبات في طريق التفاهمات الدولية بصرف النظر عن طبيعتها.
هذه الجولة الآسيوية، تعزز الانطلاقة القوية للعلاقات مع القارة، فضلا عن أن الدول الآسيوية الرئيسة تمثل سوقا رئيسة للنفط السعودي منذ عقود، فضلا عن رسوخ التعاون بينها وبين المملكة الذي يعود إلى عقود خلت. الشراكة مع هذه الدول ليست جديدة، لكنها خاضعة دائما للتطوير، وفق المنهج السعودي المستلهم من رؤية 2030، فخلال زيارة كوريا الجنوبية تم التوقيع على 25 عقدا ومذكرة تفاهم بقيمة 29 مليار دولار. هذه العقود أخذت العلاقات بين الرياض وسيئول إلى مزيد من التقارب الاقتصادي والتجاري والاستثماري. ففرص الاستثمار في السعودية واسعة ومتنوعة، وهي متوالدة، لأسباب عديدة، في مقدمتها مكانة وسمعة وقوة البلاد على الساحتين الإقليمية والدولية.
المشاريع بين السعودية وعدد مهم من الدول الآسيوية تمضي إلى الأمام، رغم كل الظروف التي يمر بها الاقتصاد العالمي. فقد أثبتت المملكة أنها قادرة على تحقيق النمو والتقدم الاقتصادي حتى في ظل الظروف الدولية الصعبة، التي جعلت دولا متقدمة تواجه أزمات اقتصادية تمتد أعواما مقبلة. وكلها تستند إلى المصلحة المشتركة التي توفر مزيدا من القوة للمسار الاقتصادي السعودي. في تايلاند وبعد ثلاثة عقود من عودة العلاقات مع السعودية، حققت الزيارة قفزات نوعية على صعيد اتفاقيات ومذكرات تفاهم وعقود. وهذه نقطة أخرى مهمة على صعيد تطوير علاقات عادت للتو بين الطرفين. دون أن ننسى العلاقات التي تلقت هي الأخرى دعما قويا عبر زيارة الأمير محمد بن سلمان مع دول آسيوية متقدمة في صناعات وتقنيات مختصة. وهذه الدول كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة وهونج كونج، توصف بالمتقدمة في آسيا، لأنها حققت قفزات نوعية في مجال التنمية والبناء الاقتصادي والصناعي.
جولة ولي العهد في آسيا، هي تحرك آخر لضمان التوازن في العلاقات الدولية للسعودية، فالرياض لا تبني العلاقات الثنائية إلا من خلال مصالح خاصة ومشتركة تصب في النهاية في مصلحة المجتمع الدولي عموما، لسبب واحد فقط، وهي أن تقوم بدورها المحوري الذي يستند إلى ثقل سياسي واقتصادي إقليمي وعالمي.

إنشرها