بناء الاقتصادات ومرونة حماية الكوكب «2 من 2»
سيتدنى إنتاج الغذاء، ويعقب ذلك انخفاض حاد في عدد السكان. في ذلك الوقت، كان الاستنتاج بأن تجاوز حدود الكوكب قد يؤدي إلى الانهيار صادما لكثيرين. على مدار الأعوام الـ50 الأخيرة، اتبع العالـم أسوأ سيناريوهات التقرير، وبدأنا نرى تصدعات عميقة في أنظمة الأرض وداخل المجتمعات.
لكننا نعتقد أن مستقبلنا سيبنى على التفاؤل الاقتصادي وليس اليأس. يخلص تحليلنا إلى أن أي استراتيجية لبناء مجتمعات عادلة وقادرة على الصمود يجب أن تعالج الفقر، والتفاوت بين الناس، واختلالات التوازن على أساس النوع الاجتماعي "الذكر والأنثى"، وانعدام الأمن الغذائي، والقدرة على الوصول إلى الطاقة. يتوقف التحول الذي نحتاج إليه على التصدي لكل هذه المشكلات معا في الوقت ذاته.
إن إعادة توزيع الثروة أمر ضروري لإعادة بناء الثقة بالأنظمة الديمقراطية، التي تشكل ضرورة أساسية لتوسيع نطاق الدعم السياسي للقرارات الجريئة. والسياسات التي نقترحها، بما في ذلك الضرائب التصاعدية على الدخل والثروة، ومواءمة الضرائب الدولية، والدخل الأساسي الشامل، كفيلة بضمان حصول أكثر 10 في المائة ثراء في العالـم على أقل من 40 في المائة من الدخل الوطني بحلول 2030 تقريبا، ثم تضييق فجوة التفاوت بعد هذا التاريخ. يجب أن تكون معالجة التفاوت في الثروة والدخل مرتبطة أيضا بشكل وثيق بكبح جماح القدر غير المتناسب من انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري الكوكبي واستهلاك المحيط الحيوي من قبل الأكثر ثراء. لهذا السبب، يعد سعر الكربون العادل طريقة ذكية لإعادة توزيع الثروة وخفض الانبعاثات.
لو لم يحدث تغير عميق فمن المرجح أن تحرك الفوضى المناخية وانعدام الأمن الغذائي والفقر، الصراعات والاضطرابات السياسية في المناطق المعرضة للخطر، مع انتشار التأثيرات غير المباشرة إلى كل مكان. كما حذرت موتلي في شرم الشيخ، يمكننا أن نتوقع مليار لاجئ بحلول 2050. وهذا تقدير معقول، خاصة أنه في غياب انخفاضات فورية وعميقة في الانبعاثات الغازية من المتوقع أن تتوسع المناطق غير الصالحة للسكنى حول خط الاستواء في العقود المقبلة، لتشمل مناطق مكتظة بالسكان. تضم قائمة الدول عالية المخاطر بعض الدول الأكثر هشاشة وعرضة للخطر على وجه الأرض، نيجيريا، باكستان، أفغانستان، الفلبين، وغيرها.
اليوم، قد يبدو العالـم بعيدا عن مستقبل "الأرض للجميع" كأي وقت مضى. لكننا وجدنا بعض المجال للتفاؤل. وربما وصلنا بالفعل إلى نقطة تحول اجتماعية إيجابية، حيث يريد المواطنون التغيير. وجد استطلاعنا العالمي أن 74 في المائة من سكان دول مجموعة العشرين يريدون أن تعمل حكوماتهم على إصلاح الأنظمة الاقتصادية، بحيث تكون الأولوية لرفاهية الناس وكوكب الأرض.
غالبا ما تقوم حضارتنا بالتصرف الصواب عندما نكون استنفدنا كل البدائل الأخرى. وقد بلغنا هذه النقطة الآن. سيكون مستقبل البشرية على الأرض أكثر سلاما وازدهارا وأمانا بدرجة كبيرة، إذا بذلنا كل ما في وسعنا لإعادة بناء اقتصاداتنا لتحقيق أقصى قدر من الرفاهية ومرونة الكوكب وقدرته على الصمود وليس تعظيم القيمة لمصلحة حاملي الأسهم.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2022.