بناء الاقتصادات ومرونة حماية الكوكب «1 من 2»

أصبحت التنبؤات الرهيبة حول انهيار الحضارة الوشيك مألوفة وشائعة إلى حد الابتذال. حسنا يا دعاة الهلاك ـ هذا يكفي. أجل، تواجه البشرية مخاطر تهدد وجودها. وفي العقود المقبلة سيكون مليارات من البشر في اقتصادات العالم الأكثر فقرا هم الأشد تضررا من هذه المخاطر. والآن بات من المرجح أن يمر كوكب الأرض بنقاط تحول مناخية عديدة.
لا شك أن مستقبلا عامرا بالتحديات ينتظرنا، حيث تتسبب الصدمات المتوالية في زلزلة الحكومات في كل مكان حتى الصميم. أجل، لا نستطيع أن نلوم أحدا غير أنفسنا ـ أو بتعبير أكثر دقة الأكثر ثراء بيننا. لكن هل يكون انهيار حضارتنا المنطلقة بحرية، المبدعة بلا نهاية، والمربكة في كثير من الأحيان، نهاية حتمية لا مفر منها؟ كلا، من غير ريب.
كما قالت ميا موتلي، رئيسة وزراء باربادوس، أمام قادة العالم المجتمعين في مصر خلال مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، "نحن نعرف كيف نزيل العبودية من حضارتنا، كيف نجد اللقاح لجائحة في غضون عامين، كيف نضع رجلا على القمر". لكن الحل الوحيد الذي يقدمه أهل السياسة للأزمة الحالية هو النمو الاقتصادي. لكن في حين يعد النمو ضرورة أساسية لانتشال أكثر الدول فقرا من براثن الفقر، فإن المجتمعات القادرة على الصمود لن تبنى بالثروة متزايدة الضخامة، بل من خلال تعزيز التماسك الاجتماعي، والحكم الرشيد، والقدرة على الإبداع.
قبل عامين، أطلقنا مبادرة الأرض للجميع Earth4All initiative، وهي محاولة تعاونية دولية من قبل خبراء في الاقتصاد، وعلماء، ودعاة دراسة حلول السياسات التي توجه البشرية بعيدا عن الانهيار ونحو القدرة على الصمود. ونحن نقدم النتائج التي توصلنا إليها في كتاب جديد بعنوان، "الأرض للجميع، دليل البقاء للبشرية".
نحن نستكشف سيناريوهين، "قليل من العمل بعد فوات الأوان" و"القفزة العملاقة". في كل من السيناريوهين، ينمو الاقتصاد العالمي طوال هذا القرن. في السيناريو الأول، يزداد الأثرياء ثراء، تاركين الفقراء من خلفهم. وتتصاعد التوترات الاجتماعية، وتناضل الحكومات للتعامل مع صدمات كبرى. وتتنامى مخاطر الانهيارات الإقليمية بمرور كل عقد من الزمن. على مسارنا الحالي، يجب أن نكون على يقين من أن الزيادة العالمية في متوسط درجات الحرارة من المرجح أن تصل إلى 2.5 درجة مئوية، وهي نتيجة كارثية كفيلة بدفع العالـم إلى مخاطر جسيمة. هذا هو المسار الذي نسلكه الآن.
لكنه ليس المسار الوحيد. من خلال بذل جهود غير عادية، تستطيع المجتمعات أن تحول نفسها إلى "اقتصادات الرفاهة" التي تتسم بكونها أكثر مرونة وقدرة على الصمود في مواجهة الصدمات. فتهدأ التوترات الاجتماعية وتستقر الزيادة في درجات الحرارة العالمية عند مستوى درجتين مئويتين. هذه هي القفزة العملاقة.
يمكننا تتبع أصول مبادرة الأرض للجميع إلى تقرير صدر بتكليف من نادي روما بعنوان "حدود النمو"، الذي نشر قبل 50 عاما. في ذلك الحين، استخدم العلماء نماذج حاسوبية مبكرة لإثبات أن موارد الأرض المحدودة ستنهار في النهاية تحت وطأة استهلاك المواد... يتبع.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2022.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي