Author

عودة «طاش»

|
ستكون عودة مسلسل "طاش ما طاش" بنجميه الكبيرين الشهيرين ناصر القصبي وعبدالله السدحان مفترق طرق في تاريخ هذا المسلسل الذي شكل عبر تاريخه العريق أحد ملامح الدراما السعودية، ليتجاوزها لاحقا إلى كونه جزءا أصيلا من الأعمال الفنية العربية. هذه العودة ستحدد أحد خيارين، إما أن يخلد هذا المسلسل في تاريخ الدراما السعودية وذاكرة المجتمع، وإما أنه سيطويه النسيان، والخياران يعتمدان على ما سيقدم من "أفكار"، وعلى كيفية تقديمها. نعرف جميعا أن نجاح المسلسل سابقا ارتكز على شجاعته في نقد ما كان يصعب نقده أو حتى يستحيل، حيث أصبح موعده السنوي موعدا مع "التنفيس" من ضغوط يتعرض لها المجتمع من التشدد المبالغ فيه دينيا أو اجتماعيا، ومن البيروقراطية في بعض الجهات أو الشركات الحكومية، ومن الفساد والمحاباة، ومن عدم تمكين المرأة ليس فقط من قيادة السيارة بل من أشياء أخرى مدنية واجتماعية وعملية. اليوم وخلال أعوام قليلة حل كثير من هذه الإشكالات، وبفضل التنمية المتسارعة اقتصاديا واجتماعيا، وبفضل الرؤية السعودية، ومن قبل ذلك ومن بعده بفضل القيادة الحكيمة التي اتسمت بحزم وعزم وسرعة تنفيذ، بفضل كل ذلك تلاشى معظم هذه القضايا، فالفساد قطع دابره، والرقمية والتطورات التقنية قضت على كثير من البيروقراطية، والمرأة تم تمكينها وتغيير كثير من الأنظمة المدنية التي لم تكن تنصفها أو كانت تخضع للأهواء أكثر من خضوعها للشرع والقانون. اليوم ارتفع مستوى جودة الحياة في السعودية للمواطن والمقيم، وزادت خيارات وحريات الناس في ممارسة معيشتهم وأعمالهم وهواياتهم وترفيههم، وكل ذلك سيجعل مهمة مبتكري أفكار المسلسل وكتاب السيناريوهات له أصعب كثيرا، لكنها لن تكون مستحيلة. شخصيا أعتقد أن هناك مجالات استجدت في حياتنا وتطورت بل تعقدت يمكنها أن تكون مادة خام جيدة للأفكار الجديدة، وأحسب أن وسائل التواصل الاجتماعي وما يحدث فيها وما يحدث من بعض مشاهيرها مثال جيد لفكرتين أو ثلاث يمكن معالجتها دراميا أو كوميديا. هناك أيضا ما يمكنني تسميته التطرف أو التخلف المضاد، فنحن نعرف أن البعض وإن كانوا قليلين بيننا بالغوا في الذهاب بعيدا وهم يتخلصون من براثن السطوة السابقة للتشدد أو للمجتمع، وبعض هؤلاء يشكل بالفعل مادة جيدة لمسلسل ساخر تعودنا منه معرفة من أين تؤكل الفكاهة التي تضحكنا وهي في الأساس تبكينا. عودة جميلة ومهمة لمسلسل شكل جزءا من ذاكرتنا وضحكاتنا وأسفنا على ما فاتنا من حياة كنا نتمناها ولا "نستطيع إليها سبيلا".
إنشرها