حماية الكوكب

يعاني العالم تسارع التغير المناخي الذي لم يشهد مثله في تاريخ البشرية -حسب ما هو متوافر من معلومات. لعل الجفاف المخيف الذي ضرب أجزاء واسعة من أوروبا وأمريكا وآسيا يدل بوضوح على حجم المشكلة، ثم إن تلك الدول بالذات منيت بكميات كبيرة من الأمطار والأعاصير التي تعد استثنائية، وكل ذلك في غضون أسابيع.
هذا التغير المناخي هو أحد النذر التي يجب أن يفهمها المشرعون ويحاولوا أن يتعاملوا معها بوعي وحكمة باستخدام مخرجات العلم لحماية هذا الكوكب ومن يعيشون فيه. الواضح في الأساس أن ما حدث في هذا العام كان مما يحذر منه علماء المناخ منذ عقود، وأن التفاعل مع هذه التحذيرات لم يكن على المستوى المأمول كما أن مستوى التعليم والثقافة ليسا عنصرين أساسين في تحديد من يتأثر ومن لا يتأثر بهذه الأزمة العالمية.
الدول الأكثر تقدما هي التي تعرضت لأكبر علامات تلك الأزمة وهي التي عانت الفيضانات والأعاصير وقبلها الجفاف الواضح الذي نتج عن درجات الحرارة القياسية وتخلف كميات الأمطار عما تعوده الناس في تلك الدول. هذا دليل واضح على أن الاستغلال غير المنظم والمحكوم لما تقدمه التقنية الحديثة من بدائل معادية للمناخ هو ما جعل هذه الدول تعاني فعلا. الاستهلاك الجائر للمقومات البيئية كالمياه والهجوم غير المنضبط على مناطق الغابات وتخلف عمليات التعويض عن مجاراة الاستهلاك البشري في تلك المناطق أدت إلى نشوء الأزمة الحالية التي يمكن أن تتعمق في المقبل من الأعوام.
الاحتباس الحراري واحد من هذه العناصر التي أدت إلى تغير مناخي خطير في مناطق لم تكن مهتمة بالبحث عن البدائل الطبيعية لما يستهلكه الناس، كما أن تأثر طبقة الأوزون بما تلفظه المصانع وغيرها من وسائل الإنتاج لم تكن لتذهب سدى فقد أدت في مجموعها إلى تأزيم غير مسبوق.
تستمر أوروبا في تصدير الأزمات البيئية وهي بهذا تحاول أن تفرض أجندة معينة للتعامل مع أزمة المناخ، ومؤتمر الأمم المتحدة للاتفاقية الإطارية للحماية من التغير الحراري في الإسكندرية إحدى الفرص المهمة وسيكون فيها مجال لعرض التجارب العالمية وتعويض المجتمعات المتأثرة من الدول الفقيرة. مشاركة المملكة في المؤتمر بالحجم والمستوى الكبير دليل على الوعي بهذه الأزمات وفرصة للتعريف بالجهود التي تبذلها المملكة في المجال.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي