Author

الأسواق بين الجائحة والسياسة

|
لا تزال آثار جائحة كورونا تلقي بظلالها على الأسواق المالية، ففي عطلة نهاية الأسبوع الماضي جددت وزارة الصحة الصينية تأكيدها المضي قدما في سياستها الصارمة نحو صفر كوفيد، ما دفع السلطات الصينية إلى موجة إغلاقات أخرى على المقاطعات التي تتركز فيها المصانع الكبيرة ومحطات الإنتاج، الأمر الذي يهدد بضعف الطلب من قبل أكبر مستورد للنفط، ويعزز مشكلات سلاسل التوريد التي تعانيها الأسواق منذ فترة طويلة، ما يؤثر بشكل سلبي في نتائج الشركات وأدائها.
فالصين تعد ثاني أكبر مستورد للنفط، وثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة، وأكبر الدول المصدرة من حيث القيمة، تتصدر عددا من الصناعات والمنتجات المتنوعة التي تعد سلة العالم في مجالات مختلفة. كما تعد الصين أكبر دولة تجارية في العالم من حيث الميزان التجاري، لذلك أي إغلاقات في الصين للمقاطعات التي تحتضن الصناعات والإنتاج يؤثر في الطلب والعرض على مستوى العالم بأكمله، وبالتالي يؤثر في الأسواق وأداء الشركات ونتائجها. هذا فيما يتعلق بالفترة الحالية، وما تعانيه الأسواق من تقلبات في الطلب والعرض ومشكلات في سلاسل الإمداد من جهة، وخشية الركود الذي قد يدخل فيه العالم من جهة أخرى من جراء رفع الفائدة وارتفاع تكاليف القروض. كما أن تبعات الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا لا تزال مستمرة، وتضغط على أسعار الطاقة والغذاء التي تشهد تقلبات الفترة الأخيرة وترفع من نسب التضخم عالميا.
لذلك الأسواق اليوم تعيش تحت مجموعة من المؤثرات التي تعصف بها من الناحيتين الاقتصادية والسياسية وتضغط عليها، ولا سيما في ظل دولار مرتفع ونسب فائدة مستمرة في الارتفاع، ومن الطبيعي أن تنعكس هذه المؤثرات سلبا على أسواق المال إلى أن تخف حدة هذه العوامل، أو على الأقل يجد بعض منها حلولا مستدامة تمنح الطمأنينة لها.
وبشكل عام، فعادة تشهد الفترة من تشرين الثاني (نوفمبر) إلى نهاية الربع الأول من كل عام بعض الأريحية للأسواق التي تميل إلى الصعود، خاصة إذا ما أخذنا في الحسبان أن الأسواق هبطت بشدة منذ بداية العام الجاري، وتم قطع شوط كبير من "الفيدرالي" بسلسلة رفع الفائدة التي تجاوزت ست مرات خلال أقل من عام، ما أسهم في استمرار النزيف في أسواق الأسهم، ولن تكون المسافة المتبقية من الرفع أكبر مما تم إقراره وإعلانه، قد لا تعني هذه الأريحية أو الارتداد - إن حدث - نهاية الهبوط إلا أنها قد توجد فرصة للحركة كتصحيح داخل موجة هابطة، ما لم تتحرر الأسواق من مساراتها الهابطة ليمكننا القول بانتهاء الموجة الهابطة وبداية موجة صاعدة جديدة.
وفيما يتعلق بالسوق السعودية لا تزال داخل موجة هابطة ولديها دعم قريب عند 11300 تليها 10900 كمنطقة دعم ثانية، فيما تعد منطقة 10600 الدعم الأخير "حاليا"، وهو المستوى الذي بدأت منه السوق موجتها الفرعية الصاعدة في نوفمبر الماضي، ووصلت بعدها إلى منطقة 14 ألف نقطة. لذلك تتداول الأسواق عموما تحت مجموعة من المؤثرات - ذكرنا بعضا منها بداية المقال - ولعل من تبعاتها على السوق السعودية، على سبل المثال لا الحصر، ما أعلنه بعض القطاعات القيادية كالبتروكيماويات من تراجع في أرباحها بسبب ارتفاع أسعار اللقيم وتكاليف الشحن.
إنشرها