الدعم الإنساني العالمي بمحتوى محلي سعودي

قفزت المملكة إلى المرتبة الثالثة في 2021 بعد أمريكا وألمانيا على التوالي ضمن أكبر عشر جهات مانحة للمساعدات الإنسانية والإغاثية في العالم، وبإجمالي مساعدات بلغ 1.35 مليار دولار بعدما كانت في المرتبة الـثامنة على المؤشر نفسه في 2020، أي أنها تقدمت على المفوضية الأوروبية والمملكة المتحدة واليابان والسويد والنرويج. أما على المستوى العربي، فتأتي في المركز الأول، وتشكل مشاركة السعودية 5 في المائة من إجمالي الحصة العالمية، وقدمت مساعداتها إلى 67 دولة لـ2021 من خلال 353 مشروعا بصورة مباشرة.
المملكة مستمرة في ترسيخ دورها العالمي، وعلى جميع الأصعدة الاقتصادية والسياسية والإنسانية، وما وجودها على خريطة العمل الإنساني العالمي، وعبر "مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية"، إلا لإغاثة المجتمعات التي تعاني الأزمات والكوارث، كما أن المركز يقوم بتطوير الشراكات مع المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني لزيادة أثر الإعانات والمساعدات واستدامتها وفق أسس وقواعد خاضعة للحوكمة والعمل المؤسسي المنظم، وضمن نسق الإصلاحات التي تعيشها البلاد سواء عبر توثيق المساعدات في المنصات الدولية، أو تطوير أدوات العمل وبأفضل الممارسات العالمية والمحلية التي يتوصل إليها المركز.
وإذا ما نظرنا إلى منهجية السعودية في الدعم الإنساني، نرى أنها تعتمد على مبادئ وأسس تستهدف تخفيف معاناة الشعوب من الكوارث أو الأزمات أو النزاعات الطارئة عبر تطبيق مبادئ القانون الإنساني الدولي. ويمكننا الاستدلال على حيادية أعمال المملكة الإنسانية بما أعلنته من حزم مساعدات إنسانية لأوكرانيا بقيمة 400 مليون دولار في الأيام الماضية، لتخفيف آثار الأزمة الروسية ـ الأوكرانية، ودون أن تربط، أي السعودية، ذلك بأي أهداف سياسية، بل إن سياساتها ومواقفها مع الروس والأوكرانيين مرحب بها وتلقى توافقا وانسجاما كبيرين بين طرفي النزاع، وفي الوقت نفسه السعودية تسعى في وساطة بين البلدين، ولا سيما بعد نجاح وساطة تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، والمملكة كانت جزءا من قصة تبادل الأسرى في جانبها الإنساني.
العمل الإنساني العالمي يتطلب استراتيجيات بعيدة الأمد، ولا سيما على مستوى الاستدامة، و"مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية" يعد نموذجا متطورا ومن المؤسسات السعودية الجديدة، لذا سأختم مقالة اليوم بمقترح اقتصادي عبر مفهوم الاستدامة وربطها بالأنشطة الاقتصادية الداخلية، فمن منظوري الاقتصادي ومعرفتي بأهمية الاستدامة في الرؤية السعودية 2030، فاعتماد المساعدات الإنسانية الدولية التي تقدمها المملكة بمنتجات سعودية أو بمحتوى محلي وطني على مستوى المشاريع أو برامج الدعم الفني بقدرات سعودية، يسهم في تحقيق هدفين أساسين: "1" تعظيم أثر الإعانات على مستوى اقتصاد البلدين المانح والممنوح بدلا من تدفق النقد في اتجاة واحد. "2" ضمان الاستدامة وفق أسس اقتصادية، ولا سيما أن المساعدات الخارجية الدولية تستمد قوتها من قوة اقتصاد البلد المانح، وبذلك نكون قد حققنا هدف المركز السامي نحو "إنسانية بلا حدود" وبمنهجية اقتصادية مستدامة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي