مكافحة السمنة بتغيير المنظومة الغذائية «2 من 2»
لا تشكل معدلات زيادة الوزن والسمنة مجرد تهديد صحي كبير، لكنها تهدد الاقتصاد أيضا، إذ تلحق خسائر اقتصادية كبيرة بالمجتمع، حيث تكلف ظاهرة زيادة الوزن/ السمنة في السعودية بشكل مباشر ما مجموعه 3.8 مليار دولار، أي ما يعادل 4.3 في المائة من إجمالي النفقات الصحية في السعودية "2019". ويعزى ذلك إلى حد كبير إلى تكاليف داء السكري من النوع الثاني. إضافة إلى ذلك، فقد ترتب على حالات التغيب عن العمل والحضور الشكلي للموظفين الناتجة عن زيادة الوزن والسمنة، تكلفة إجمالية قدرها 15.5 مليار دولار، أي ما يعادل 0.9 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في 2019.
وقد تأثرت زيادة السمنة في السعودية بالتغيرات في نمط الحياة، مثل زيادة استهلاك الأغذية فائقة التصنيع والمشروبات المحلاة بالسكر. فما يقارب 65 إلى 70 في المائة من الأغذية والمشروبات المبيعة في المملكة هي إما مصنعة وإما فائقة التصنيع، الأمر الذي يسهم في نحو 17 إلى 20 في المائة من السعرات الحرارية المتناولة في المملكة. علاوة على ذلك، لا يستوفي ما يقارب 70 في المائة من السكان ممن تبلغ أعمارهم 15 عاما وما فوق، الإرشادات العالمية القياسية حول النشاط البدني. ويظهر تحليلنا أن تحقيق خفض بـ20 في المائة في زيادة الوزن والسمنة، كفيل بتجنب ما يقدر بنحو 60 و110 آلاف حالة وفاة بين النساء والرجال، على التوالي، بحلول 2050.
وفي حين أن مسألة السمنة معقدة وبعض عوامل الخطر المرتبطة بها خارجة عن سيطرة الأفراد، إلا أن هناك عديدا من الحلول المبتكرة التي تستند إلى الشواهد والأدلة. ويعرض التقرير الجديد الالتزام القوي للحكومة السعودية واستجاباتها من خلال السياسات لمعالجة مشكلة السمنة المتزايدة في البلاد ـ خاصة في صفوف الشباب. فقد عمدت السعودية حتى الآن إلى تنفيذ عديد من السياسات المبتكرة، بما يشمل فرض ضريبة بـ50 في المائة على المشروبات المحلاة بالسكر. كذلك، يحدد التقرير التحديات المتبقية والفرص المتاحة، إضافة إلى تقديم مجموعة من التوصيات.
وتتمثل إحدى هذه الفرص في تحويل النظام الغذائي لما فيه مصلحة كل من الصحة العامة والبيئة. وتفتقر النظم الغذائية العالمية المتاحة حاليا إلى الاستدامة، كما أنها تسبب أضرارا جسيمة في الصحة العامة والبيئة. ويسهم إنتاج الأغذية فائقة التصنيع والمشروبات المحلاة بالسكر بشكل كبير في استهلاك المياه وانبعاثات الكربون. ومن شأن التحول نحو أنظمة غذائية صحية أكثر وتحتوي على كمية أقل من المنتجات الحيوانية والتقليل من هدر الأغذية، أن تسهم في تحقيق الأهداف الصحية.
لا شك أن السعودية تملك القدرة والموارد لتحفيز العمل الجماعي بهدف إحداث التحول في نظامها الغذائي. ويوصي التقرير باتباع نهج قائم على النظم في السياسات المتعلقة بالتغذية والسمنة إلى جانب تصميم نموذج تصنيف غذائي يكون خاصا بالمملكة، ليكون بمنزلة أداة موحدة لجميع التشريعات المتعلقة بالتغذية مثل الضرائب الانتقائية، ووضع بطاقات تعريف المنتجات على واجهة العبوات، وضوابط الإعلان للمنتجات الغذائية، وذلك من بين أمور أخرى.
لقد حان الوقت للاستفادة من الزخم الذي حققته السعودية من أجل إحداث تحول في النظام الغذائي داخليا وفي دول مجلس التعاون الخليجي، وللمساعدة على ضمان صحة أفضل للشعوب، إلى جانب تحقيق عديد من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.