تقارير و تحليلات

341 مليار دولار الطلب على المكملات الغذائية بحلول 2030 .. استهلاك متزايد بعد الجائحة

341 مليار دولار الطلب على المكملات الغذائية بحلول 2030 .. استهلاك متزايد بعد الجائحة

341 مليار دولار الطلب على المكملات الغذائية بحلول 2030 .. استهلاك متزايد بعد الجائحة

بفضل جائحة كورونا أصبحت المكملات الغذائية أكثر شيوعا من أي وقت مضى.
ووفقا لبيانات إدارة الغذاء والدواء الأمريكية فإن ثلاثة من كل أربعة مواطنين في الولايات المتحدة بما في ذلك واحد من كل ثلاثة أطفال يلجؤون للمكملات الغذائية لتحسين الصحة أو تعزيز اللياقة البدنية أو إنقاص الوزن أو تحسين الأداء الجنسي.
الإحصاءات تشير أيضا إلى أن نحو 20 في المائة من المستهلكين في الاتحاد الأوروبي يستخدمون مكملا غذائيا واحدا على الأقل للحفاظ على صحتهم، بينما تبلغ نسبة استهلاك المكملات الغذائية بين الدنماركيين 64 في المائة.
وفي آخر استطلاع بهذا الشأن في المملكة المتحدة فإن البيانات تظهر أن عدد مستخدمي المكملات الغذائية بشكل يومي يبلغ الآن ما يقرب من 20 مليون شخص بزيادة 19 في المائة عن آخر استطلاع مماثل أجري في 2019 عندما كان الرقم حينها 16.3 مليون شخص، وأكثر من 71 في المائة من البالغين في المملكة المتحدة يتناولون المكملات الغذائية، وترتفع تلك النسبة بين من يراوح أعمارهم من 18 و24 عاما لتصل إلى 77 في المائة.
أما في البر الصيني فوفقا لاستطلاع أجري في آذار (مارس) الماضي فإن 59 في المائة من السكان يتناولون يوميا مكملا غذائيا واحدا.
فما هي تلك المكملات الغذائية التي يتكالب عليها الجميع لاستهلاكها بصورة يومية في أغلب الأحيان؟
تشير أمبر إلبي طبيبة التغذية، إلى أن المكملات الغذائية هي مصادر مركزة للمغذيات أو المواد الأخرى ذات التأثير الغذائي أو الفسيولوجي، التي تهدف إلى استكمال النظام الغذائي العادي، ويمكن تناولها في شكل حبوب وأقراص وكبسولات.
ولـ"الاقتصادية" تعلق قائلة "المكملات الغذائية تحتوي على مغذيات "فيتامينات ومعادن" أو منتجات نباتية أو مواد أخرى مثل الأحماض الأمينية"، محذرة من مخاطر الإفراط في استخدام تلك المكملات الغذائية على صحة الإنسان.
في 2020 ارتفع الطلب العالمي على المكملات الغذائية لتعزيز المناعة على خلفية جائحة كورونا، وقدرت بعض الدراسات المبيعات العالمية في 2021 بـ152 مليار دولار، مع توقع معدل نمو سنوي بنسبة تقارب الـ9 في المائة خلال الفترة من 2022 إلى 2030، وسط تقديرات أولية بأن تبلغ القيمة الإجمالية للطلب العالمي على المكملات الغذائية بحلول 2027 ما يقارب 221 مليار دولار، و340.62 مليار دولار بحلول 2030 وفقا لتقديرات مؤسسة ذا بريني إنسايتس.
تدفع الزيادة في الطلب العالمي والإقبال المتزايد على استهلاك المكملات الغذائية إلى التساؤل، هل الأمر مرتبط فقط بجائحة كورونا أم أننا أمام اتجاه عالمي سيتسمر في النمو خلال الأعوام المقبلة؟
يجزم الدكتور أرلوا جاكسون أستاذ الاقتصاد الحديث في جامعة أدنبرة، "بأننا أمام ظاهرة استهلاكية ذات صبغة عالمية"، مؤكدا أن معدلات الاستهلاك ستواصل النمو مستقبلا.
ويشير الدكتور جاكسون إلى أن جائحة كورونا سرعت من معدلات نمو الطلب العالمي، لكن وفقا للمبررات التي يسوقها فإنه حتى مع تراجع وباء كورونا سيستمر الطلب على المكملات الغذائية في الزيادة لعوامل متعددة.
يقول لـ"الاقتصادية"، إن "زيادة وعي المستهلك تجاه الصحة الشخصية والرفاهية هو العامل الأساسي وراء زيادة الطلب على المكملات الغذائية، فظروف العمل المحمومة وأنماط الحياة المتغيرة، تؤديان إلى زيادة الاعتماد على المكملات الغذائية".
ويضيف "ربما نشهد في المستقبل ارتباطا بين معدل استهلاك المكملات الغذائية والنمو الاقتصادي، ويصبح استهلاك تلك المكملات مؤشرا من بين مؤشرات متعددة لقياس درجة تطور المجتمع ونموه، وبالتالي تعد زيادة أعداد المستهلكين دليلا على درجة أعلى من التطور الاقتصادي، ويبرز ذلك تحديدا في الولايات المتحدة باعتبارها السوق الرائد لاستهلاك المكملات الغذائية نتيجة القدرة الإنفاقية المرتفعة للمستهلكين".
من هذا المنطلق يمكن القول إن زيادة الإنفاق على منتجات الرعاية الصحية، وتزايد عدد المسنين بصفة عامة، وارتفاع معدلات الشيخوخة خاصة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية حيث معدلات النمو أعلى والاهتمام بالجوانب الصحية المختلفة للفرد أفضل، وتنامي الوعي بالمفاهيم الخاصة بالرعاية الصحية الوقائية، والقبول المتصاعد لفكرة تحقيق العافية من خلال النظام الغذائي.
كل هذا سيؤدي إلى طلب أعلى على المكملات الغذائية، فإذا أضفنا لتلك المجموعة من العوامل الأعداد المتزايدة من مراكز اللياقة البدنية والنوادي الصحية وصالات الألعاب الرياضية إلى جانب زيادة الوعي بين الشباب بأهمية اللياقة البدنية، وزيادة قبول المجتمع لتحول الرياضة من هواية إلى مهنة وما يرتبط بها من زيادة الطلب على التغذية الرياضية، التي تصب في مصلحة توسيع سوق المكملات الغذائية وزيادة الطلب عليها، فإن كل هذا يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن هناك آفاقا واعدة تشجع على الاستثمار في مجال المكملات الغذائية.
لكن بخلاف عديد من السلع الاستهلاكية الأخرى فإن الجزء الأكبر من مبيعات المكملات الغذائية لا يزال يتم بعيدا عن الإنترنت والتجارة الإلكترونية، إذ تستحوذ السوق التقليدية "الصيدليات والمحال التجارية" على أكبر حصة من الإيرادات قدرت العام الماضي بـ80 في المائة من إجمالي الإيرادات.
ففي أوروبا وأمريكا الشمالية يؤدي انتشار المحال التجارية الضخمة في تعزيز مبيعات المكملات الغذائية وقد استحوذ قطاع السوبر ماركت والهايبر ماركت على نحو 40 في المائة من إجمالي مبيعات المكملات الغذائية العام الماضي.
ووفقا لتقرير نشرته شركة صناعة المواد الغذائية في آسيا فمن المرجح أن تشهد محال السوبر ماركت والمتاجر الكبيرة في آسيا والمحيط الهادئ نموا كبيرا، مع توقع تحقيق فيتنام، الهند والفلبين أعلى معدل نمو في الطلب على المكملات الغذائية.
لكن جيمس وليم الخبير في مجال التجارة الإلكترونية يرى أن الهيمنة الراهنة للمحال التجارية والصيدليات على تجارة المكملات الغذائية مؤقتة.
توقع لـ"الاقتصادية" أن تشهد مبيعات المكملات الغذائية من خلال قنوات التوزيع عبر الإنترنت أعلى نمو في الأعوام المقبلة، فزيادة عدد مستخدمي الإنترنت، وسهولة الوصول إلى عديد من العلامات التجارية، ونمط الحياة السريع، مع توفر المنتجات عبر الإنترنت طوال أيام الأسبوع، وسهولة التسوق الإلكتروني، وتوفر مجموعة واسعة من المنتجات المعروضة، كل هذا يعزز المبيعات عبر الإنترنت مستقبلا. كما أن جائحة كورونا طورت العادات الشرائية للمستهلكين عبر الشبكة العنكبوتية ومن المستبعد تراجع هذا التوجه حتى مع تراجع أو اختفاء وباء كورونا".
حتى الآن يكشف تحليل بيانات العرض والطلب على المكملات الغذائية عن بروز قارة أمريكا الشمالية باعتبارها أكبر سوق للمكملات الغذائية عالميا، إذ تبلغ الحصة السوقية لها ما يزيد قليلا على 40 في المائة من السوق العالمية بما يقدر بـ63.42 مليار دولار من إيرادات العام الماضي.
ومن المتوقع أن تكون منطقة آسيا والمحيط الهادئ أكبر سوق خلال الأعوام المقبلة نتيجة التوسع المستمر في الطلب خاصة مع هيمنة الصين، الهند، كوريا الجنوبية، اليابان وفيتنام على الاستهلاك في تلك المنطقة من العالم.
وتعد الزيادة المهولة في أعداد السكان إضافة إلى ارتفاع مستويات المعيشة وتنامي الشيخوخة عوامل محفزة لطلب مستقبلي مهول على المكملات الغذائية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات