Author

كيف تفكر السعودية في قضايا البيئة؟

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة تواصل جهودا متباينة لإدارة نواتج أداء الاقتصاد النشط والحد من آثاره في البيئة، ونحن في السعودية نعمل بمنهجية أكثر اتساقا تجمع بين أداء الاقتصاد وخفض نواتج الكربون من خلال تبني حلول منخفضة الكربون، وذات تنافسية عالية ولأقصى ما تسمح به التكنولوجيا النظيفة، أي أننا أمام منهجية أكثر تبصرا وتوازنا بين أداء الاقتصاد التنافسي والاحتياجات الإنسانية وحماية كوكبنا.
اليوم العالم يصنف البيئة والصناعة النظيفة ضمن ملفات الاقتصاد السياسي الأكثر جدلا، وإذا ما نظرنا إليهما من منظور أكثر شمولا وواقعية، نمتلك على المستوى الوطني والدولي مسارات واضحة سياسيا واقتصاديا، ونعمل داخليا بطريقة تكاملية مع الاتجاهات العالمية من خلالها تجديد أصولنا الاقتصادية القائمة وتشجيع الاستثمارات الجديدة المستدامة بما يتوافق مع الاقتصاد الدائري غير الخطي والنظيف والأخضر، وكلها ضمن الرؤية السعودية 2030 ومستهدفاتها، إضافة إلى تنبي كل ما من شأنه دعم كفاءة استخدام الطاقة والطاقة المتجددة والوصول بالانبعاثات إلى الصفر بحلول 2060.
يحتاج التحول نحو اقتصاد مستدام بما في ذلك قضايا اقتصادات الصناعة النظيفة إلى خطط انتقال آمنة تعتمد على مبدأ التغير الزاحف creeping change، وليس التحول transformation، والتغير الزاحف مبدأ يستخدم في تجديد البنية التحتية وتعديل الهياكل الاقتصادية تدرجيا، ونعزي هذا الأسلوب المتحفظ إلى عوامل جوهرية تتعلق بصعوبة التضحية بالنمو الاقتصادي مقابل البيئة: أولا، تكلفة تبني حلول منخفضة الكربون استثماريا لتكلفتها المرتفعة. ثانيا، محدودية الموارد الأرضية مثل المعادن الأرضية النادرة التي تدخل في صناعة التكنولوجيا النظيفة والموفرة للطاقة، إضافة إلى آثار تنقيب المعادن النادرة والمدمرة للبيئة. أما العامل الثالث، محدودية منتجي التكنولوجيا النظيفة، وموثوقية التكنولوجيا البيئية ومدى قدرتها على توليد نمو اقتصادي، بمعنى آخر، إن مبدأ الانتقال محكوم بالموارد وآثار التنقيب وما وصلت إليه التكنولوجيا النظيفة والتكلفة الاستثمارية والاقتصادية، التي يصعب على كثير من الدول الانخراط فيها، أي بوتيرة مماثلة لما ينادي به نشطاء ومراقبو البيئة على المدى القصير، أما على المدى الاستراتيجي، لا شك أن تبني مبدأ التغيير المتدرج والآمن والمسؤول نحو صناعة نظيفة، سيولد للعالم اقتصادا مستداما وكوكبا نظيفا وخاليا من أي نواتج ضارة بالأجيال القادمة أو بموارد الأرض، كما أن التدرج سيحد من تطرف أنصار البيئة وما ينتج عن ذلك من أداء اقتصادي سيئ على الوظائف والناتج المحلي للدول.
وفي نهاية المطاف ندرك صعوبة تمويل الاقتصاد الجديد القائم على الاستدامة بمفهومها الشامل، ولا سيما على الدول النامية وبعض الدول الناشئة، إلا أننا في السعودية، وكأكبر مصدر للنفط في العالم، ماضون في تحقيق مستهدفاتنا والانتقال إلى اقتصاد مستدام ودائري وليس خطيا، وأكبر دليل تأسيس مدينة نيوم التي تجمع بين الثورتين الاصطناعيتين الرابعة والخامسة وتفاعل الإنسان والآلة والبيئة بطريقة تكاملية، تترجم ما نؤمن به مع الجمع بين فلسفة النظام الاقتصادي واحتياجات البشرية.

إنشرها