Author

تخضير سلاسل القيمة العالمية «1 من 2»

|

الموانئ المغلقة، وتأخيرات الشحن الطويلة الأمد، وارتفاع تكاليف النقل إلى عنان السماء، كل هذه أدلة على استمرار الدمار الذي ألحقته جائحة مرض فيروس كورونا 2019 كوفيد - 19 بسلاسل القيمة العالمية. الآن، تعيد الشركات النظر في الأماكن التي ستتخذها موقعا لإنتاجها "أو تنقل إنتاجها إليها"، وما إذا كانت عملياتها تحتاج إلى الزيادة وبأي قدر، وأي المخزونات يجب عليها أن تحتفظ بها كمانع للصدمات في المستقبل.
تنتشر التأثيرات كالأمواج عبر الاقتصاد العالمي، فتوجد أسبابا إضافية لعدم اليقين وتعمل على إبطاء التعافي. علاوة على ذلك، مع وجود صناع السياسات حاليا في جلاسجو لحضور مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ COP26، تتزايد الضغوط في المطالبة بإزالة الكربون من الإنتاج والنقل على طول سلاسل القيمة العالمية.
يشكل مدى سرعة تحقق هذه الغاية أهمية كبرى. إذ تمثل سلاسل القيمة العالمية نصف الصادرات العالمية، وسجلت حصة الاقتصادات الناشئة والنامية في شبكات الإنتاج زيادة كبيرة منذ الأزمة المالية العالمية التي اندلعت في 2008. على سبيل المثال، لم يعد الاقتصاد منخفض أو متوسط الدخل في احتياج إلى إنتاج سيارة كاملة لدخول سلسلة توريد السيارات العالمية، بل يكفي أن يتخصص في مكون واحد صغير.
على هذه الخلفية يفحص تقرير حديث صادر عن البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية تأثير الجائحة في سلاسل القيمة العالمية، ويوضح كيف يمكن أن تصبح الآن أدوات لتحقيق هدف اتفاق باريس للمناخ الذي أبرم في 2015، الذي يتمثل في الحد من تأثير الانحباس الحراري الكوكبي، بحيث لا يتجاوز الارتفاع في درجات الحرارة 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة.
تشير الأدلة من الأزمات السابقة التي عطلت بشكل كبير سلاسل توريد رئيسة "مثل زلزال جيجي في 1999، وكارثة فوكوشيما النووية في 2011"، إلى أن ضغوط الكفاءة القوية والاعتماد الشديد على الثقة الشخصية بعلاقات الموردين، من الأسباب التي ترجح العودة إلى الوضع السابق. وإذا استمر هذا النمط، فستثبت الارتباكات والاضطرابات الحالية التي أحدثتها الجائحة كونها مؤقتة، وستحل من تلقاء ذاتها مع عودة العالم إلى طبيعته.
لكن هذه المرة قد تكون مختلفة، لأن جائحة كوفيد - 19 تضرب النظام الاقتصادي العالمي على نطاق أوسع كثيرا، ولفترة أطول كثيرا من معظم الصدمات السابقة. لا ينبع تأثير الجائحة الحالي من الإغلاق الأولي في الصين في أوائل 2020 ـ الذي تعافى منه الاقتصاد الصيني وسلاسل القيمة العالمية بسرعة ملحوظة ـ بقدر ما يرجع إلى الزيادة السريعة في الطلب الناجم عن التحفيز الحكومي الضخم وإطلاق العنان للمدخرات المتراكمة. كما أدى فتح الاقتصادات على نحو غير متزامن، إلى تضخيم ارتباكات العرض.
قد يستغرق الأمر أعواما لتحديد تأثير أزمة كوفيد - 19 في سلاسل القيمة العالمية. وقد تتسبب الجائحة في تحفيز إعادة النظر بشكل جوهري في كيفية تنظيم هذه السلاسل وأين يمكن إعادة توطين الإنتاج. أصبح مصطلح "الصمود"، أو القدرة على التعافي من الصدمات بسرعة، لفظة جديدة شائعة في هذه المناقشة. في الوقت ذاته، تعمل المخاوف الجيوسياسية على إيجاد الضغوط التي تحمل الاقتصادات على تقليل اعتمادها في العرض على الدول فرادى، بينما يجري الفصل بالفعل في صناعات التكنولوجيا الفائقة المهمة... يتبع.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2022.

إنشرها