Author

أراه بقلبي

|

هو عنوان قصة حكتها إحدى مديرات المدارس، وهي تحمل حكمة مهمة يحتاج إليها الجميع وليس العاملون في سلك التعليم فقط. تتحدث القصة عن كيف يتجه الواحد منا لاستنتاجات قد لا تكون صحيحة وكيف يمعن في فرض هذه الاستنتاجات التي قد تضر الآخرين.
استهجنت معلمة سلوك أحد الأطفال في الصف الأول وهو يقترب من زملائه، ويلمس وجوههم، بل إنه اقترب جدا من وجه المعلمة وهي تخاطبه، ما اضطرها إلى إبعاده. وصلت المعلمة إلى استنتاج أن سلوك الطالب خاطئ وأن بيئته المنزلية هي التي جعلته يسلك هذا السلوك المعيب اجتماعيا، خصوصا في هذه المرحلة الدراسية. استطاعت المعلمة أن تقنع مديرة المدرسة برأيها بعد أن طالبتها بمقابلة الطفل ومشاهدة ردة فعله وهي تحدثه. ثم انطلقت الاثنتان في تبرير وتسبيب سلوك هذا الطفل من الناحية السلبية، وأنه لا بد من تأديبه واستدعاء والديه لتحذيرهما من مغبة استمرار الطفل في هذا السلوك العدواني في نظرهما.
كانت المفاجأة عندما اكتشفت المعلمة ومديرتها أن والد الطفل أعمى وهو يقترب من وجه ابنه ويتلمسه كجزء من التعامل اليومي بينهما. الوالد الذي أدهش المعلمة ومديرتها كان خائفا من أن يكون ابنه مهملا أو مشاغبا، لكن وجوده أمامهما جعلهما تعودان إلى الخلف وتختبران نظريتهما التي وصلت إلى استنتاجات غير سوية في أبسط الأحوال. هنا طمأنت المديرة الوالدين وأكدت أن ابنهما من أفضل الطلاب وأنهما استدعيا الوالدين لمكافأة الطفل بحضورهما.
أثر هذه القصة المهمة في الجميع كان جذريا، فالمعلمة التي استنتجت هي ومديرتها وقررتا سوء الطفل، تعلمتا أن الاستنتاجات المتعجلة التي لا تقوم على أساس قد تؤدي إلى نتائج وخيمة. فلو أن المديرة بعثت كتابا للوالدين تشكو فيه من سلوك ابنهما لكان أثر ذلك خطيرا وقد يكون طويل الأجل. كما أن الوالدين اللذين توقعا الأسوأ، اكتشفا أنهما مخطئان في توقعهما وأنه لا يمكن أن نقفز للنتائج دون التعرف على الواقع ولمسه فعلا.
القفز للاستنتاج الخاطئ يؤدي إلى كثير من الظلم ويمكن أن يكون سببا للتباعد الاجتماعي والقطيعة التي تهدد كثيرا من العلاقات في مجتمعاتنا. يكمن الحل في محاولة البقاء على الحياد والتعرف على الحقائق قبل اتخاذ القرارات. كثير هم الذين يبنون على الأسوأ، لكن هذا غير مقبول في مجال العلاقات المجتمعية والتعامل الإنساني عموما.

إنشرها