تقارير و تحليلات

أصغر إصدار للصكوك السعودية في 9 أشهر .. تغطية 4 مرات بقوة الطلب والعوائد الجذابة

أصغر إصدار للصكوك السعودية في 9 أشهر .. تغطية 4 مرات بقوة الطلب والعوائد الجذابة

تلقى الإصدار الشهري الحديث من الصكوك الادخارية لحكومة السعودية، طلبات قرب 7.38 مليار ريال، وذلك وفقا لوثيقة رسمية خاصة بالإصدار السيادي.
وأظهرت وثيقة حصلت "الاقتصادية" عليها، أن الرياض أصدرت صكوكا ثلاثية الشرائح متوسطة وطويلة الأجل، وتم تغطية الإصدار بأكثر من أربع مرات للمبلغ الأصلي المطلوب البالغ 1.701 مليار ريال، في مؤشر إيجابي على وضع السيولة الفائضة في القطاع البنكي وتوجه المستثمرين نحو العوائد الجذابة والآمنة في الوقت نفسه.
وفي الوقت الذي يعد حجم الإصدار الأصغر منذ نحو تسعة أشهر، فإن الإصدار تزامن مع فتح دفاتر الاكتتاب لثلاثة إصدارات محلية ضخمة من الصكوك لثلاث شركات بينها شركتان مدرجتان.
وأظهرت بيانات إصدار أيلول (سبتمبر) الخاصة بالصكوك الادخارية، أن 88 في المائة من طلبات الاكتتاب القادمة من المستثمرين المؤسسيين والأفراد الخاصة بالمزاد الشهري، توجهت نحو الصكوك العشرية وكذلك 15 عاما.
ويسترشد المستثمرون بمستويات تداول سندات حكومة الولايات المتحدة، وحجم الفارق في الهوامش الائتمانية بينها وبين نظيرتها السعودية، ويسعى المستثمرون المحليون تجاه العوائد المرتفعة والملاذات الآمنة في الوقت نفسه.
وباعت الرياض في الساعات الماضية، صكوكا ادخارية بـ1.7 مليار ريال، في مزاد ناجح، بفضل قوة الطلب المحلي في علامة على حرص مستثمري أدوات الدخل الثابت للحصول على جزء من تلك الأوراق المالية ذات الجدارة الائتمانية العالية.
ومنذ تموز (يوليو) 2018، تم استخدام منهجية المزاد، التي يرى صندوق النقد أنها ستضفي درجة من المرونة على آليات تسعير الإصدارات المحلية الجديدة.
وشهد إصدار يوليو 2018 "الإصدار السابع" تطبيق تلك المنهجية لأول مرة مع أدوات الدين في المملكة، حيث تستخدم السعودية "المزاد الهولندي" وهو المزاد نفسه الذي تستعمله الخزانة الأمريكية عندما تبيع سنداتها.
وبالاستعانة بأحد منتجات "بلومبيرج" الخاصة بالمزاد، تم منح المتعاملين الأوليين سعر سقف محدد لا يستطيعون التسعير فوقه، بحيث يكون التسعير النهائي على المستوى نفسه، سقف التسعير أو دونه، وتم الطلب من المتعاملين الأوليين أن يقدموا طلبات الاكتتاب الخاصة بهم، وكذلك الخاصة بعملائهم.
وآلية المزاد تختلف عن المنهجية التسعيرية، التي كانت تستخدم في السابق وتدور حول تحديد نطاق تسعيري معين "أي حد أعلى وحد متوسط وآخر أدنى"، والطلب منهم التسعير بين هذا النطاق ثم يتم تحديد السعر النهائي من قبل جهة الإصدار.
وذكرت وزارة المالية في بيان، أن المركز الوطني لإدارة الدين انتهى من استقبال طلبات المستثمرين على إصداره المحلي لسبتمبر 2022 ضمن برنامج صكوك حكومة المملكة بالريال، إذ وصل إجمالي حجم طلبات الاكتتاب 7.380 مليار ريال، وتم تحديد حجم التخصيص بمبلغ 1.701 مليار ريال.
وبحسب البيان الصادر من المركز، قسمت الإصدارات إلى ثلاث شرائح، بلغ حجم الأولى 201 مليون ريال لصكوك تستحق في 2027، وبلغت الشريحة الثانية 700 مليون ريال لصكوك تستحق في 2032. فيما بلغت الشريحة الثالثة 800 مليون ريال لصكوك تستحق في 2037.

الصكوك الخليجية
وتسود حالة الترقب في أسواق الدين الخليجية جراء الاجتماع المرتقب للبنك المركزي الأمريكي الأسبوع المقبل، فوفقا لمنصة "ريد" REDD فإن هناك مؤشرات على نشاط طفيف لإصدارات الدين الخليجية في هذا الشهر.
وفي الوقت الذي فوضت جهات إصدار إماراتية بنوكا لترتيب إصدارات دين دولارية، ركزت الشركات السعودية على سوق الدين المحلية عبر إصدارات الصكوك الخاصة.
ومعلوم أن منصة "ريد" التي تتخذ من نيويورك وسنغافورة مقرا لها، متخصصة في متابعة أخبار جهات الإصدار المتعسرة والمثقلة بالديون مع إحاطة المستثمرين مسبقا بالمخاطر المحتملة قبل وقوعها.

توزيع فترات خدمة الدين
ودائما ما يولي "المركز الوطني لإدارة الدين" أهمية بارزة لمسألة اختيار آجال الاستحقاق المناسبة مع الطروحات الجديدة، ويرجع سبب ذلك من أجل توزيع استحقاقات المديونية "خدمة الدين" وتجنب تمركزها في أعوام محددة.
ويسهم توزيع فترات خدمة الدين عبر عدد طويل من الأعوام بطريقة لا تتسبب في إحداث ضغط على خزانة الدولة عندما يحين أجل سداد عدد ضخم من أدوات الدين خلال سنة مالية معينة.
ومعلوم أن من مكتسبات أسواق الدين السعودية في 2019 كان تمكن المركز الوطني لإدارة الدين، بالنيابة عن وزارة المالية، من تمديد آجال استحقاقات الصكوك في السوق المحلية عبر إصدارات جديدة تشمل 12 و15 و30 عاما، وذلك لاستكمال منحنى العائد خالي المخاطر ما يسهم في دعم مختلف الأسواق شاملة أسواق الدين العقارية.
وقدم "المركز الوطني لإدارة الدين العام" تلك الآجال الطويلة للمرة الأولى في 2019، بغرض إطالة منحنى العائد الخاص بالإصدارات الحكومية المقومة بالريال، وكذلك لغرض تنويع خيارات مستثمري الدخل الثابت في المملكة.

تراجع متوقع للدين العام
وتستهدف السعودية استقرار الدين العام خلال الأعوام الثلاثة المقبلة بدءا من ميزانية 2022، وذلك استكمالا لجهود الحكومة في تعزيز كفاءة الإنفاق وتحقيق مستهدفات الانضباط المالي.
وبحسب رصد سابق لـ"الاقتصادية"، فإن الوزارة تتوقع بلوغ الدين العام نحو 938 مليار ريال في ميزانية 2022، مقارنة بدين 938 مليارا متوقع في ميزانية 2021، وذلك كنتيجة لتحقيق فوائض مالية في ميزانية 2022.
وبذلك يتراجع معدل الدين للناتج المحلي وللعام الثاني على التوالي، حيث من المتوقع بلوغه 25.9 في المائة في ميزانية 2022 بعدما بلغ 29.2 في المائة كما في الميزانية الفعلية لـ2021، وذلك يعود إلى توقعات بنمو الناتج المحلي.
وتوقعت وزارة المالية أن يستقر حجم الدين العام لميزانية 2022 و2023 و2024 عند 938 مليار ريال، مقارنة بتقديرات سابقة عند 989 مليار ريال للأعوام الثلاثة.
في حين سجل الدين ارتفاعا بنحو 9.8 في المائة لـ2021 بحسب الأرقام الفعلية للميزانية، وهي أقل معدلات النمو في آخر سبعة أعوام.
ويأتي استقرار الدين للأعوام الثلاثة المقبلة بعد نموه ولسبعة أعوام متتالية، أي منذ 2015، حيث سجل حينها أول ارتفاع بعد عدة أعوام عاشتها الميزانية في تقليص الدين العام.
وتهدف السياسة المالية في السعودية إلى تحقيق التوازن بين أهداف الحفاظ على الاستقرار المالي وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام ومساندة مرحلة التحول الاقتصادي والاجتماعي التي تمر بها السعودية، وفقا لرؤية السعودية 2030.
وتستهدف الحكومة السعودية خلال العام المالي 2022 استكمال مسيرة الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي أجرتها منذ رؤية السعودية 2030.
في حين يستمر تطوير المالية العامة من خلال تحقيق أهداف برنامج الاستدامة المالية الذي يسعى إلى استكمال العمل على المبادرات التي بدأها برنامج تحقيق التوازن المالي، إضافة إلى تبني السياسات المالية التي تسهم في تحقيق الاستقرار في ميزانية الدولة والرفع من جودة التخطيط.
كما تستمر جهود الحكومة في رفع كفاءة الإنفاق وتعزيز دور القطاع الخاص من خلال زيادة مشاركة الصناديق الحكومية في الإنفاق الرأسمالي كصندوق الاستثمارات العامة الذي يعد المحرك الفاعل لتنمية وتنويع الاقتصاد السعودي.

منحنى العائد
ويعرف منحنى العائد بأنه خط يحدد الفائدة على أدوات الدين في وقت بعينه تمتلك فيه جهة الإصدار جدارة ائتمانية متوازنة، لكنها متباينة من حيث الاستحقاق، حيث يكون هناك على سبيل المثال فارق فائدة بين الصكوك والسندات لأجل خمسة أعوام ولأجل 30 عاما.
ويتخذ منحنى العائد عادة اتجاها صعوديا وهو المنحنى الطبيعي، لكن عندما ينقلب يكون العائد على السندات الأقصر أجلا أعلى من العائد على نظيراتها الأطول أجلا.
وتحظى السعودية بمنحنى عائد طبيعي، سواء مع إصداراتها المقومة بالعملة المحلية أو الصعبة. ونجحت السعودية منذ 2019 في تمديد آجال استحقاقات الصكوك في السوق المحلية عبر إصدارات جديدة تشمل 12 و15 و30 عاما، وذلك لاستكمال منحنى العائد خالي المخاطر، ما يسهم في دعم مختلف الأسواق شاملة أسواق الدين العقارية.
والأمر نفسه كررته في 2020 عندما شهد إصدارها الدولاري استحقاقات بأجل سبعة أعوام والـ12 عاما، ولأول مرة شريحة الـ35 عاما، التي أتت جميعها خلال فترات استحقاق متباعدة، مساهمة في الوقت نفسه في إطالة أجل تلك الاستحقاقات، وفقا لسياسة إدارة الدين العام للدولة.
ويستعين العاملون في أسواق الدخل الثابت بمقياس "العائد حتى تاريخ الاستحقاق"، وذلك من أجل حساب العائد المستقبلي لأداة الدين، وذلك في حال الاحتفاظ بها إلى أن يحين أجل إطفائها.
ويحدد هذا المقياس مدى جدوى الاستثمار من عدمه، ويكثر استخدام هذا المؤشر بين المستثمرين من أجل إجراء مقارنات بين العوائد السنوية لأدوات الدين، وذلك بغض النظر عن آجال استحقاقاتها.

مشاركة الأفراد
ومن المنتظر أن يدعم إصدار الشهر الحالي مخزون الصكوك الادخارية المتوافرة لاستثمارات الأفراد في السوق الثانوية.
وجاء قرار تفعيل تخفيض القيمة الاسمية للصكوك الحكومية المدرجة لتكون في متناول الأفراد، وذلك ابتداء من حزيران (يونيو) 2019 ليعني أن السعودية قد فتحت المجال أمام مواطنيها للمشاركة بدعم المشاريع التنموية في البلاد، في خطوة تقدمية تتماشى مع كثير من الدول حول العالم، التي تتبع هذا النهج.
وأسهمت الإصلاحات الاقتصادية التي عمت أسواق الدخل الثابت في المملكة في جعل مسألة استثمار الأفراد في الصكوك أمرا ممكنا بعد أن تم تخفيض القيمة الاسمية للصك إلى ألف ريال مقارنة سابقا بمليون ريال.

استحقاقات 2022
وأعلنت السعودية، ممثلة في وزارة المالية في أواخر تشرين الأول (أكتوبر) 2021 عن اكتمال عملية شراء مبكر لجزء من سندات وصكوك المصدر القائمة المستحقة في آب (أغسطس) وسبتمبر وأكتوبر وتشرين الثاني (نوفمبر) وكانون الأول (ديسمبر) من 2022 بقيمة إجمالية وصلت إلى 32.9 مليار ريال. حيث تمكنت السعودية خلال تلك الفترة من إعادة تمويل 43.5 في المائة من ديونها التي يحين موعد سدادها في 2022.
ويحل في 2022 أجل استحقاق لديون "محلية" تقدر بـ57.4 مليار ريال، غير أن جهة الإصدار السيادية فضلت انتهاز ظروف السوق الموائمة في 2021 وقررت إعادة تمويل 32.9 مليار ريال من مبلغ الـ57.4 مليار ريال.
وانخفضت الديون المحلية التي يحين أجل استحقاقها في 2022 بعد عملية الشراء المبكر الثانية من 57.4 مليار ريال إلى 24.4 مليار ريال، من ضمنها صكوك خمسية أواخر يوليو بقيمة 12 مليار ريال، وفقا لمنصة "سي بوندز" Cbonds للبيانات المالية.

وحدة التقارير الاقتصادية

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات