Author

أسعار الغاز القياسية تدعم أسواق النفط

|
في الوقت الحالي، يبدو أن مؤشرات الانخفاض هي المهيمنة على أسواق النفط، حيث تراجعت في الأسابيع القليلة الماضية أسعار النفط العالمية، حتى بعد موافقة تحالف "أوبك +" على خفض رمزي للإنتاج بمقدار 100 ألف برميل يوميا. ويدعم مخاوف الركود، التضخم وتباطؤ النشاط الصناعي الاتجاه الهبوطي، حيث تنعكس على أسعار النفط. ومع ذلك، لا يزال معدل تقلبات الأسعار مرتفعا، حيث إن الإشارات المتضاربة القادمة من روسيا تجاه صادرات النفط والغاز جعلت المتداولين في حالة توتر. على الرغم من تراجع أسعار النفط، إلا أن الاتجاه الصعودي قد يعود سريعا مرة أخرى.
في هذا الجانب، حذرت شركة بلاتس الاستشارية للطاقة العالمية من أن الطلب العالمي على النفط يمكن أن يقفز، لأن الاقتصادات الكبيرة ستضغط من أجل التحول من الغاز إلى النفط. أفادت الشركة بأن التحول من الغاز إلى الوقود السائل يمكن أن يقفز بأكثر من 80 في المائة خلال الأشهر الستة المقبلة، مدفوعا أساسا بأسعار الغاز والغاز المسال المرتفعة للغاية.
وفقا للشركة الاستشارية، من المتوقع أن يزيد منتجو الطاقة ومصافي التكرير والصناعات الرئيسة من الطلب على السوائل الهيدروكربونية بمقدار 633 ألف برميل يوميا في الربع الأول من 2023، وهي زيادة حادة عن الطلب الحالي (الربع الثالث من 2022) البالغ 350 ألف برميل يوميا. هذا التحول، مرتبط مباشرة بزيادة أسعار الغاز، خاصة بعد أن قررت روسيا تعليق تدفقات الغاز إلى ألمانيا عبر خط أنابيب "نورد ستريم 1" إلى أجل غير مسمى. على الرغم من أن أسعار الغاز قد تراجعت إلى حد ما عن مستوياتها المرتفعة الأخيرة، إلا أن الأسعار الحالية لا تزال أعلى بأربعة أضعاف من العام الماضي. في الوقت نفسه، ارتفعت أسعار الغاز المسال بشكل كبير.
في الواقع، وصل سعر التسوية للعقود الآجلة للغاز في أوروبا للتسليم في أيلول (سبتمبر)، بحسب مؤشر TTF إلى 319.98 يورو لكل ميجاواط/ ساعة في آخر يوم تداول من الأسبوع المنتهي في 26 آب (أغسطس)، الذي انخفض مرة أخرى إلى 237.98 يورو لكل ميجاواط/ ساعة في 6 سبتمبر، لكنه كان لا يزال أعلى بأربع مرات على أساس سنوي. كما ارتفعت أسعار الغاز المسال منذ بداية الأزمة الأوكرانية، كما أن توقف بعض مرافق التصدير في أجزاء من العالم فاقم من زيادة الأسعار. نتيجة لذلك، كانت معظم الدول الآسيوية تتعامل أيضا مع أزمة طاقة، وامتنعت عن الشراء لخفض فواتير واردات الطاقة المرتفعة مع ارتفاع الأسعار. حيث ارتفعت أسعار الغاز المسال الفورية في آسيا متتبعة منطقة حوض الأطلسي المتشدد، مع اقتراب المؤشر القياسي للمنطقةJKM benchmark مرة أخرى من أعلى مستوياته على الإطلاق في أغسطس. حيث بلغ متوسط الأسعار اليومي في 25 أغسطس 71 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وهو أعلى مستوى منذ 7 مارس، عندما وصل المؤشر القياسي إلى مستوى قياسي بلغ 84.76 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. على أساس مكافئ لمليون وحدة حرارية بريطانية، تقف أسعار الغاز المسال في أوروبا وآسيا حاليا أعلى بخمس إلى ست مرات من أسعار زيت الوقود عالي الكبريت، ما يحفز تحولا واسع النطاق من الغاز إلى زيت الوقود في محطات التوليد القادرة على استخدام الوقود البديل.
من المتوقع أن يمثل العملاء الأوروبيون نموا قدره 308 آلاف برميل يوميا في الطلب على السوائل الهيدروكربونية في الربع الأول من 2023، وهو نحو نصف الحصة العالمية المتوقعة للتحول من الغاز إلى النفط. بالنسبة للربع الثالث من 2022، من المتوقع زيادة قدرها 166 ألف برميل في اليوم. من المتوقع أن يصل الطلب الآسيوي على السوائل نتيجة التحول من الغاز إلى النفط إلى 271 ألف برميل يوميا، أي بزيادة 43 في المائة، مقارنة بـ136 ألف برميل يوميا في الوقت الحالي. المحرك الرئيس هو زيت الوقود، عند مستوى 348 ألف برميل في اليوم أو 60 في المائة من التحول العالمي للنفط في الربع الأول من 2023. ومن المتوقع أن يشكل زيت الغاز وغاز البترول المسال (LPG) 8 في المائة و32 في المائة على التوالي. بالنسبة للربع الثالث من 2022، تتوقع "بلاتس" أن يرتفع الطلب العالمي على زيت الوقود بمقدار 125 ألف برميل يوميا إلى 7.4 مليون برميل يوميا. كان النمو أيضا مدفوعا بارتفاع الطلب في الشرق الأوسط، الذي تم تحديده عند 170 ألف برميل في اليوم.
ومن المتوقع أيضا أن يشهد زيت الوقود منخفض الكبريت نموا في الطلب. بعد شهور من تباطؤ الطلب، قد يشهد هذا الخريف بعض العودة إلى النمو. حيث زادت اليابان بالفعل وارداتها من زيت الوقود في أغسطس، ومن المتوقع أن تدخل تايوان وباكستان وكوريا الجنوبية السوق قريبا بقوة. محرك آخر محتمل للطلب، هو النقص الحالي في الديزل في الأسواق العالمية، ما أدى إلى زيادة الأسعار للمستهلكين. بالفعل، في أجزاء كثيرة من أوروبا، أسعار الديزل أعلى حاليا من أسعار البنزين. لكن إذا قررت شركات التكرير العالمية زيادة إنتاج الديزل في الشهرين المقبلين، فمن المحتمل أن يشهد زيت الوقود منخفض الكبريت وأنواع الوقود الأخرى قفزة في الأسعار. يمكن أن ترتفع المخاطر الصعودية لأسعار زيت الوقود منخفض الكبريت بشكل أكبر خلال موسم صيانة المصافي.
لكن، على ما يبدو من غير المتوقع أن يتسبب تقلب الأسعار الحالي في خفض الطلب على زيت الوقود. ستدفع أزمة الطاقة في أوروبا الأسواق إلى التحول إلى زيت الوقود، وربما أكثر مما يتوقعه المحللون حاليا. مع الأخذ في الحسبان المناقشات الداخلية لاستراتيجية "أوبك +" وتخفيضات الإنتاج المحتملة، يمكن أن تصبح أسواق النفط التي بالفعل تشهد وفرة في الإمدادات أكثر تشددا. قد تكون أسواق زيت الوقود - على وجه الخصوص - متشددة للغاية هذا الشتاء، خاصة إذا قررت روسيا تصدير كميات أقل، وإذا تم تنفيذ العقوبات الغربية بالكامل. دون أدنى شك، ستفتقد الأسواق بعض الصادرات الروسية. يعد التحول من الغاز إلى النفط ونقص الخام الحامضي المتوسط أو الثقيل عاملين صعوديين لأسعار النفط.
إنشرها