Author

ما بعد الإجازة

|
سألت صديقي، الذي بلغ سن التقاعد، عن وضع أبنائه، فقال: "آخر العنقود" يدرس في الثانوية. تتحكم الإجازة المدرسية في برامج وأسلوب حياة الأسرة السعودية، فالأسرة السعودية يغلب عليها عدم تخطيط النسل، وهي بهذا تستمر في التأثر بحالة الأبناء المدرسية، حتى بعد أن يغادروا مقاعد الدراسة ويلتحقوا بالجامعات، وهو أمر نادر في كثير من المجتمعات.
لم يكن لهذه الحال أثر مباشر في حياة الأسرة فيما مضى، ذلك أن الحياة مستمرة بروتين معين طوال العام، واستقرار الجميع في المكان نفسه، هو أساس وما غيره شاذ وغير مطروق في الأصل. مع التمدد السكاني ونشوء المجتمعات الجديدة والانتشار الكبير للمواطنين على جغرافية المملكة، أصبحت المجتمعات أكثر تنوعا، وبات من المهم أن يتعارف الناس ويتعايشوا على مستوى الوطن.
أوجد التغيير الناتج هنا مجالا أوسع للتزاوج والتفاعل والصداقات التي خرجت عن النطاق الضيق لحياة الأمس. ومهما تغنى المنشدون والشعراء في "أيام أول"، أو "زمان الطيبين"، تهيأت الحال اليوم لزمان أجمل وتفاعل أوسع. هذا الانتشار الجديد وما نشأ عنه من تداخل الثقافات وتقبل الآخر، أحدث نقلة نوعية كبرى في الاستغلال الأمثل للوقت والعناية بجزئيات يتطلبها الوضع الجديد، مثل: التعليم والتفاعل الثقافي بين الناس.
نشأ عن هذا الابتعاد الكبير عن مواقع الأصول حنينا يعيد الناس في أوقات إجازاتهم إلى ارتياد مرابع الطفولة ومنازل الآباء والأجداد في حالة منتشرة على مستوى العالم، لكنها أطول في حالتنا، إذ نستغل شهور الإجازة المدرسية في ممارسة تلك الحاجة النفسية والاجتماعية. ثم إننا مع التفاعل الجديد والتعرف على الحضارات والثقافات والوفرة المالية، أصبحنا من أكثر مواطني العالم سياحة وسيرا في الأرض.
يعبر الخليجيون عموما جوازات المطارات والموانئ بشكل يتضاعف كل عام، ويكتشفون معالم ومواقع جديدة في كل مرحلة، ما يجعلهم أكثر احترافية في هذا المجال من غيرهم بكثير، ودونكم ما ينتشر من المقاطع في وسائل التواصل لتأكيد ذلك.
الصرف في هذا المجال عال جدا، وقد يكون من الأنسب جذب مزيد من المواطنين للتعرف على هذه القارة التي يعيشون عليها، فنحن بحاجة إلى تكريس هذه الجاذبية بعد أن تعرفنا على أغلب دول العالم وعرفنا كيف تدار السياحة في ديارهم وتحقق مكاسب عالية، يعدها كثير من الدول – حتى الأقدر ماليا - مصدرا أساسا لدخلها.
إنشرها