أهمية التعاون المالي الآسيوي «2 من 2»

في 2005، اقترح بنك التنمية الآسيوي المحاولة الأكثر طموحا للتعاون المالي الإقليمي، وحدة العملة الآسيوية. تتألف وحدة العملة الآسيوية من سلة عملات دول آسيان + 3، وهي مصممة كمرساة لتمكين دول المنطقة من ربط عملاتها، وبالتالي ردع خفض قيمة العملات تنافسيا وتمكين دول المنطقة من تعويم عملاتها جماعيا مقابل الدولار الأمريكي. وهذا من شأنه أن يعمل على تمكين التعديل الأسرع لاختلالات توازن الحساب الجاري وتعزيز التجارة الإقليمية والتدفقات المالية.
بالبناء على فكرة وحدة العملة الآسيوية، ابتكرت مجموعة من الاقتصاديين اليابانيين مفهوما تكميليا، "الوحدة النقدية الآسيوية"، التي تعكس قيمتها المتوسط المرجح لعملات شرق آسيا. لكن، على الرغم من ترحيب الأكاديميين الآسيويين بالمقترحات باعتبارها خطوات أولى محتملة نحو إنشاء عملة إقليمية مشتركة، لم تكتسب فكرة وحدة العملة الآسيوية ولا اقتراح الوحدة النقدية الآسيوية أي ثقل بين صناع السياسات.
من المؤسف أن التعاون المالي الآسيوي بدأ يفقد زخمه في الأعوام الأخيرة لأسباب عديدة. أولا، أصبحت الحاجة إلى دعم السيولة الإقليمية أقل إلحاحا. فمعظم عملات دول آسيان + 3 تدير فوائض في الحساب الجاري أغلب الوقت، ونجحت المنطقة في تكديس نحو 3.7 تريليون دولار في هيئة احتياطيات من النقد الأجنبي بحلول الوقت الذي اندلعت فيه الأزمة المالية العالمية في 2008 ـ بزيادة تتجاوز ستة أمثال حجم احتياطياتها الذي بلغ 542 مليار دولار في 1997.
ثانيا، على الرغم من التقدم المبهر الذي حققته سوق السندات الآسيوية على مدار الأعوام العشرة الأخيرة، فإن محاولات تنمية أسواق سندات العملات المحلية تدفعها احتياجات مالية محلية، وليس التعاون المالي الإقليمي، ونادرا ما نرى إصدار سندات بالعملات المحلية عبر الحدود. الواقع أن التطور المالي في الدول فرادى تجاوز بدرجة كبيرة تطور البنية الأساسية اللازمة لإصدار السندات بالعملة المحلية عبر الحدود. ونتيجة لهذا، تستمر عوامل مثل الضوابط التنظيمية غير الموحدة، ونقص السيولة السوقية، والافتقار إلى نظام فاعل لتسوية الأوراق المالية، في إعاقة تطور إصدار السندات بالعملات المحلية عبر الحدود في المنطقة.
ثالثا، منذ اندلاع الأزمة المالية الآسيوية، تبنى أغلب دول شرق آسيا نظاما موجها لإدارة أسعار صرف حرة. لكن لم تربط أي منها عملاتها بسلة من عملات شرق آسيا تقوم على فكرة وحدة العملة الآسيوية، ويرجع هذا إلى حد كبير إلى عدم استعدادها لتقبل فكرة فرض قيود على أسعار صرف عملاتها من أجل تثبيت استقرار أسعار الصرف بين العملات الإقليمية.
في عموم الأمر، تشكل زيادة التعاون الاقتصادي والإقليمي أهمية بالغة لازدهار آسيا في الأمد البعيد. بيد أن السعي إلى تحقيق هذه الغاية - بما في ذلك التشكيل المحتمل لمجموعة اقتصادية شرق آسيوية - هو في الأساس مسألة سياسية وليست اقتصادية. بسبب التقارب الجغرافي الوثيق والترابط الاقتصادي بين دول شرق آسيا، ينبغي لحكومات آسيان + 3 أن تسارع بشكل عاجل إلى إعادة المسعى الذي بدأ قبل 25 عاما إلى أجنداتها.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2022.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي