default Author

شركات الخسارة المساهمة

|

هناك نشاط وجهود من مختلف الجهات الحكومية لجذب مزيد من الاستثمارات، وتوفير بيئة مناسبة في قطاعات عدة سواء الاستثمار الأجنبي أو المحلي لتحقيق أهداف رؤية السعودية 2030 في تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل، وكلما كان الاستثمار في قطاعات منتجة ومستدامة يوفر فرص عمل حقيقة ويضيف إلى الاقتصاد مساهمة في تنويع مصادر الدخل، كان الجهد للجذب أوجب.
لكن ماذا عن شركات مساهمة عامة متعثرة، لماذا لا ينظر إليها بعين التقييم والتقويم أليست جزءا من الاقتصاد الوطني وأموالا لمستثمرين؟!
قبل أعوام اهتمت الجهات المعنية بالشركات العائلية، وقدمت مبادرات وإرشادات لتمكينها من الاستدامة والمحافظة عليها وكانت خطوة مهمة. أما الشركات المساهمة المتعثرة التي تتزايد يوما بعد يوم، فلا اهتمام بها وتركت "صحتها" لجمعياتها العمومية الممسوكة من كبار ملاكها، وهنا تاهت أموال صغار المستثمرين بها، واحترق بعضها وبعض آخر في الطريق إذا لم تتم المسارعة لتصحيح أوضاعها.
ومن اللافت أن مجالس الإدارات والإدارات التنفيذية في بعض تلك الشركات ما زالت "وبالنظام" تعيد نفسها، ترفع رأس المال ثم تخفضه، حتى الخسارة لم تمنع بعض الشركات المتعثرة من منح مكافآت لبعض الأعضاء والموظفين.
والسؤال: هل شركات المساهمة العامة من الاقتصاد الوطني أم لا؟حتى يتم الالتفات إليها. هل ينتهي الاهتمام بها من الجهات المعنية بعد الطرح و"حلاوة الإصدار"؟
إذا كانت في نظام الشركات المساهمة ثغرات تستغل، فتجب المسارعة لسدها حفاظا على رؤوس الأموال ومدخرات صغار المستثمرين خصوصا، وإذا كانت حدود المساءلة للإدارة ومجالسها ضعيفة فتجب تقويتها. 24 شركة بلغت خسائرها المتراكمة في حدها الأدنى 20 في المائة من رأسمالها، وفي بعضها وصلت النسبة إلى أكثر من 90 في المائة. كيف يمكن الوثوق بالاستثمار طويل الأجل في الداخل في وضع كهذا، بل كيف يمكن الوثوق بالطروحات الجديدة في سوق الأسهم، ألا يمكن أن تكون فخاخا ومصائد لمستثمرين وضعوا ثقتهم في جهات حكومية يفترض بها أن تكون العين الساهرة على شركات رخصت لها وسمحت بطرحها للعموم. إن التحذيرات التي تبدأ بعبارة "لا تتحمل أي مسؤولية" غير مقنعة. والعجيب أن من بين هذه الشركات من كانت متسيدة السوق في مجال إنتاجها، مثل شركة الكابلات، وقبل ظهور شركات منافسة بأعوام، وشركات أخرى في قطاعات لا تنافسها فيها شركات مساهمة تستمر في تحقيق الخسائر. أما شركات التأمين، فلها الحصة الأكبر من بين "الخاسرة"، وهو ما يذكرنا بالموجة غير المسبوقة التي سمحت بها "مؤسسة" النقد، وهيئة سوق المال، للترخيص والطرح لهذه الشركات لتكون غصة في حلوق صغار المساهمين.

إنشرها