Author

تشابه الزوجين .. حقيقة أم وهم؟

|

كثيرون، خاصة في الولايات المتحدة، يعتقدون أن الأزواج يميلون مع مرور الزمن إلى التشابه في سلوكياتهم، وطريقة حديثهم، بل في ملامحهم، ويزداد التشابه كلما كانوا أكثر سعادة! وانتشر هذا الاعتقاد أو الفرضية وظلت عالقة بالوعي الشعبي على مدى العقود الماضية. هناك من يفسر ذلك بتعايش الأزواج مع بعضهم أعواما طويلة، في البيئات نفسها وفي وسط شبكة اجتماعية واحدة. وعزز هذا الاعتقاد دراسة نفسية نشرت في 1987، خلصت إلى أن الأزواج الذين عاشوا معا لمدة 25 عاما بدأوا في التشابه الجسدي مع بعضهم بعضا، نتيجة تعايشهم فترة طويلة، واشتراكهم في الأنشطة نفسها، وتناولهم الطعام نفسه، وتقليدهم التعبيرات العاطفية لبعضهم بعضا. لكن السؤال: هل هناك دراسات علمية رصينة تدعم ذلك؟ لقد أثار هذا التساؤل اهتمام بعض علماء النفس والاجتماع للبحث في هذا الموضوع.
ومن الأقوال الشائعة أن هناك أسبابا عديدة تفسر التشابه الملحوظ بين بعض الأزواج، منها: "1" التحيز العرقي من خلال اختيار الشركاء من المجموعة العرقية نفسها، إلى جانب التشابه في التصورات والشبكات الاجتماعية. "2" تأثير الألفة من خلال تفضيل الناس لأولئك الذين يشبهونهم. "3" البصمة الجسدية من خلال تفضيل بعض النساء للرجال الذين يشبهون والدهن عفويا أو اختيار الأشخاص الذين لديهم وجوه مماثلة لهم، أي أن الأشخاص يقترنون بمن يشبههم حسبما يتصورون. "4" وجد أن الأزواج متشابهون في مؤشر كتلة الجسم والوزن والطول، نتيجة تفضيلات الأشخاص المتشابهين أو جراء طبيعة أنماط الحياة المشتركة عموما، والغذاء خصوصا، فهم يعيشون في البيئة نفسها، ويمارسون أنشطة متشابهة، ويأكلون نوع الطعام نفسه. "5" التقليد العفوي بين الأزواج في التعبيرات العاطفية لبعضهم بعضا، يؤدي مع مرور الزمن إلى تشابه عضلات الوجه وأنماط التجاعيد.
في محاولة للتحقق من هذه التكهنات، قام باحثون من جامعة ستانفورد في الولايات المتحدة بالاستفادة من التقنيات الحديثة في تحليل آلاف الصور العامة للأزواج عند الزواج وبعده بمدة طويلة تصل إلى 25 عاما. وخلصت الدراسة، كما أشارت صحيفة «الجادريان» البريطانية، إلى أن الأزواج يميلون إلى اختيار الشركاء الذين لديهم ملامح وجوه مثلهم أو مشابهة لهم، فلم تجد الدراسة دليلا يدعم النظرية القائلة إن ملامح وجوه الأزواج تتغير بمرور الوقت، وبذلك تتعارض نتائج هذه الدراسة مع الاعتقاد بأن ملامح وجوه الأزواج تتغير وتنمو لتبدو متشابهة مع مرور الوقت.
باختصار، يميل الناس إلى اختيار شركاء مشابهين لهم، ليس في المظهر فقط، بل أيضا في نمط الشخصيات، والقيم، والوضع الاجتماعي والاقتصادي في كثير من الأحيان، وذلك من بين الأشخاص الموجودين في محيطهم الجغرافي والاجتماعي، ويميلون إلى الإعجاب بالأشخاص المشابهين لهم، علاوة على تقليد بعضهم في المأكل وكثير من الممارسات، ما يؤدي إلى الاعتقاد بوجود بعض التشابه بين الأزواج على مر الزمن.

إنشرها