تراجع الدولار وإجراءات الصين التحفيزية يدعمان النفط بفجوة سعرية صاعدة
ارتفعت أسعار النفط، أمس، بعد أن استهلت تداولاتها على فجوة سعرية صاعدة، بدعم من تراجع نسبي في الدولار إلى جانب إجراءات تحفيزية من جانب الصين للتغلب على التباطؤ في نمو الاقتصاد، وذلك عقب تراجع سابق بسبب تدهور المعنويات في السوق نتيجة بيانات اقتصادية ضعيفة في كل من الصين والولايات المتحدة.
ويقول لـ"الاقتصادية" محللون نفطيون، إن الانتعاش والتعافي في البيانات الاقتصادية الأمريكية ما زال هشا، ما يؤثر في توقعات أسواق النفط، مشيرين إلى أن المعروض النفطي يشهد نموا والمخاوف من نقص وشح الإمدادات تراجعت بعد أن وصل حقل بيرميان للنفط الصخري الأمريكي إلى مستوى قياسي آخر في النمو، حيث يعد قوة رائدة في إنتاج الخام الأمريكي.
ولفتوا إلى أنه من المقرر أن يرتفع إنتاج النفط في أكبر صناعة صخرية أمريكية إلى 5.4 مليون برميل يوميا في أيلول (سبتمبر) المقبل، وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، وهو ما يعادل 60 في المائة من إنتاج النفط الصخري في البلاد.
وفى هذا الإطار، يقول الدكتور فيليب ديبيش رئيس المبادرة الأوروبية للطاقة، إن الاقتصاد العالمي خاصة الأمريكي يعاني الضغوط التضخمية الواسعة وهو ما أدى إلى استمرار انخفاض أسعار النفط، بعد أن تأثر الطلب بالمستويات القياسية للأسعار، مشيرا إلى أنه من المرجح أن يظل مسار رفع سعر الفائدة من جانب "الاحتياطي الفيدرالي" خلال بقية العام وهو ما يزيد المخاوف من الركود والتباطؤ الاقتصادي.
وأشار إلى أن المخاوف من شح الإمدادات تقلصت على نحو واسع بعد زيادات محدودة من جانب "أوبك +" والمنتجين الأمريكيين، كما نجح الإنتاج الروسي من النفط الخام في إثبات قدر كبير من المرونة وتجاوز تأثير العقوبات وهو ما جعل بنك باركليز يخفض توقعاته لسعر نفط برنت إلى 103 دولارات للبرميل لهذا العام والعام المقبل بانخفاض من 111 دولارا للبرميل كان متوقعا في السابق.
من جانبه، يقول جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد إيه إف" في كرواتيا، إن الاتجاه الهبوطي لأسعار النفط الخام توسع بعد صدور بيانات اقتصادية محبطة من الصين، ما أثار مخاوف على الطلب في أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، لكن الصين سارعت إلى الإعلان عن خطط تحفيزية للاقتصاد الوطني لامتصاص صدمة البيانات الضعيفة على سوق النفط الخام.
أما أندريه يانييف المحلل البلغاري والباحث في شؤون الطاقة، فقال إن الاتجاه الهبوطي لأسعار النفط الخام قد لا يستمر طويلا في ظل توقعات تسود السوق بأن مجموعة "أوبك +" قد تقرر العام المقبل حجب بعض المعروض من السوق إذا تباطأ الطلب العالمي على النفط في ظل ركود معتدل، موضحا أن بنك جولدمان ساكس قام أيضا بتعديل توقعاته لسعر خام برنت لهذا الربع إلى 110 دولارات للبرميل انخفاضا من التوقعات السابقة البالغة 140 دولارا للبرميل.
وأشار إلى أن حالة عدم اليقين بالتوازي مع الطلب الصيني المحبط على النفط الخام وتقلص إنتاج المصافي أديا إلى اهتزاز ثقة المستثمرين في الاقتصاد العالمي والأوروبي بصفة خاصة وتحديدا في ظل عدم اكتمال التعافي من تداعيات أزمة جائحة كورونا التي استمرت أكثر من عامين، مبينا أن الاقتصاد الألماني وهو أكبر الاقتصادات الأوروبية أصيب بالركود في الربع الثاني وخفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي إلى 1.2 في المائة في 2022 و0.8 في المائة في 2023.
بدوره، أوضح ديفيد لديسما المحلل في شركة ساوث كورت الدولية، أن الاتجاه الصعودي للنفط سيعود تباعا، حيث يبدو أن الطلب يرتفع بشكل جيد خاصة في الولايات المتحدة التي تقلصت فيها توقعات التضخم مع تراجع أسعار الوقود، لكن تبقى الضغوط الأكبر متمثلة في قراءات الاقتصاد الكلي الصينية الضعيفة التي تقود إلى مزيد من الضغط الهبوطي.
وأوضح أن الطلب على النفط الخام الصيني وتشغيل المصافي يسجل أدنى مستوياته في فترة ما بعد الوباء، لكن النشاط الصناعي لتموز (يوليو) ارتفع أيضا أقل من المتوقع عند 3.8 في المائة، كما أن التكرير الصيني لا يزال محبطا، حيث انخفضت عمليات تشغيل المصافي الصينية إلى أدنى معدل يومي منذ آذار (مارس) 2020 عند 12.53 مليون برميل يوميا، وذلك بحسب بيانات رسمية صينية.
من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، ارتفعت العقود الآجلة لأسعار النفط نحو 1 في المائة خلال الجلسة الآسيوية لنشهد ارتداد عقود نيمكس للجلسة الثانية من الأدنى لها منذ 26 من كانون الثاني (يناير) وارتداد عقود برينت للجلسة الثانية من الأدنى لها منذ 18 من شباط (فبراير) وسط ارتداد مؤشر الدولار الأمريكي للجلسة الثانية على التوالي من الأعلى له منذ 28 من يوليو وفقا للعلاقة العكسية بينهم.
ويأتي ذلك على أعتاب التطورات والبيانات الاقتصادية المرتقبة الأربعاء من قبل الاقتصاد الأمريكي أكبر منتج ومستهلك للنفط في العالم، التي تتضمن الكشف عن تقرير إدارة معلومات الطاقة للأسبوع المنقضي في 12 من آب (أغسطس) الذي قد يظهر تقلص الفائض إلى نحو 0.3 مليون برميل مقابل 5.5 مليون برميل وأيضا كشف بنك الاحتياطي الفيدرالي عن محضر اجتماعه الأخير ومع تسعير جهود السلطات الصينية لاتخاذ الإجراءات الداعمة للنمو في أكبر مستورد للنفط عالميا وأكبر دولة صناعية في العالم.
وارتفعت العقود الآجلة لأسعار خام النفط "نيمكس" تسليم سبتمبر المقبل 0.56 في المائة، لتتداول عند مستويات 87.59 دولار للبرميل مقارنة بالافتتاحية عند مستويات 87.10 دولار للبرميل، مع العلم، أن العقود استهلت تداولات الجلسة على فجوة سعرية صاعدة بعد أن اختتمت تداولات الثلاثاء عند مستويات 86.53 دولار للبرميل.
كما ارتفعت العقود الآجلة لأسعار خام "برنت" تسليم تشرين الأول (أكتوبر) 0.64 في المائة، لتتداول عند 93.36 دولار للبرميل مقارنة بالافتتاحية عند 92.77 دولار للبرميل، مع العلم، أن العقود استهلت تداولات الجلسة أيضا على فجوة سعرية صاعدة بعد أن اختتمت تداولات الثلاثاء عند 92.34 دولار للبرميل، وذلك مع انخفاض مؤشر الدولار الأمريكي 0.07 في المائة، إلى 106.38 مقارنة بالافتتاحية عند 106.45، مع العلم، أن المؤشر اختتم تداولات الثلاثاء عند 106.50.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 97.44 دولار للبرميل الثلاثاء مقابل 100.04 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني تراجع عقب ارتفاعات عدة سابقة وإن السلة خسرت نحو ثلاثة دولار ات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 100.92 دولار للبرميل.