Author

الإجهاض المتعمد والاتجاهات العالمية

|

الإجهاض بوجه عام، هو تدخل صحي لإنهاء الحمل، وينقسم إلى قسمين: إجهاض عفوي غير مقصود، وآخر متعمد لأسباب متعددة، في الغالب يكون نتيجة حمل غير مرغوب فيه. وتتفاوت الدول في تشريعاتها تجاه الإجهاض المتعمد، ما بين منح المرأة كامل الخيار في إنهاء الحمل، أو الحظر الكامل، لكن كثيرا من الدول يسمح بالإجهاض مع بعض القيود أو الشروط المتعلقة بمدة الحمل، إلى جانب الخطر على حياة الأم، أو في حالات الاغتصاب، أو سفاح القربى، أو تشوه الجنين. ومن الملاحظ أن هذه التشريعات والقوانين تشهد تغيرا من وقت لآخر، مع الميل إلى منح مزيد من الحرية.
وبناء على الإحصاءات الدولية، يجرى في العالم نحو 73 مليون حالة إجهاض متعمد سنويا، منها نحو مليون حالة في الولايات المتحدة وحدها، علما أنه يولد 134 مليون مولود حيا سنويا على مستوى العالم. كما أن الإجهاض المتعمد ينهي ست حالات من كل عشر حالات حمل غير مقصود أو غير مرغوب فيه، أي 61 في المائة، وثلاث حالات من كل عشر حالات حمل مقصود، أي 29 في المائة من حالات الحمل المقصود. ومن المثير جدا أن نحو نصف حالات الإجهاض "أي 45 في المائة" هي حالات غير مأمونة، وجميعها تقريبا في الدول النامية، أي تجرى دون إشراف طبي مناسب، وذلك لأسباب متعددة، منها عدم شرعية الإجهاض أو عدم وجود القدرة المالية لدى المرأة، ما يتسبب في وفيات الأمهات أو نشوء مضاعفات صحية نفسية وبدنية، إضافة إلى الأعباء المالية والاجتماعية على النساء.
ويصعب جمع بيانات دقيقة عن الإجهاض، لأن عديدا من الدول لا يسجل معدلات الإجهاض أو يبلغ عنها، خاصة في الدول التي يكون الإجهاض فيها غير قانوني، ومن ثم لا يحتفظ بسجلات رسمية. لكن بناء على قاعدة بيانات معدلات الإجهاض التي أنشأتها الأمم المتحدة وتغطي أقل من ثلث الدول البالغ عددها 193 دولة، فإن معدلات الإجهاض ترتفع في روسيا، وفيتنام، وكازاخستان، وإستونيا، وروسيا البيضاء، ورومانيا، ولاتفيا، وكوبا، والصين، في حين تنخفض في المكسيك، والبرتغال، والنمسا، والهند، وجنوب إفريقيا، واليونان، وسويسرا.
وعلى الرغم من أن حالات الإجهاض المتعمد شهدت انخفاضا تدريجيا خلال العقود الماضية، خاصة في بعض الدول المتقدمة، وذلك نتيجة تكثيف التوعية في مجال الصحة الإنجابية عموما، وحول وسائل تنظيم الأسرة خصوصا، إلا أن هناك مؤشرات لتزايد معدلاته في بعض الدول النامية نتيجة الانفتاح عموما، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي خصوصا، مع غياب الوعي بوسائل تنظيم الأسرة، ما يتطلب مزيدا من التوعية حول الصحة الإنجابية، وغرس مبادئ القيم والأخلاق الإسلامية في نفوس الناشئة لتجنب هذه المشكلة ذات الأبعاد الصحية والاجتماعية والاقتصادية على المرأة نفسها وعلى المجتمع.

إنشرها