الاستمرار حتى النهاية «4 من 4»
استخدم الأشخاص الذين أجروا الدراسة خوارزمية لتجميع الردود وتوليد درجة أمان لكل قرية. وكانت القرى ذات درجات الأمان الأقل أكثر عرضة للقصف بكثير، على أساس النظرية القائلة إن القوة النارية القاهرة ستضعف قوات المتمردين، وتعطل عملياتهم، وتحطم معنوياتهم. وتراوحت الدرجات باستمرار بين واحدة وخمس، لكن نظرا إلى أن قوة المعالجة الحاسوبية في ذلك الوقت كانت محدودة، فقد تم تقريبها إلى أقرب عدد صحيح. وكان هذا يعني أن القريتين اللتين تكون نتيجتاهما متشابهتين للغاية ـ أي 2.49 و2.51 مثلا ـ ستكون درجتاهما مختلفتين، ما يؤدي إلى الانقطاع عند الخط الفاصل. وتتذكر ديل قائلة "عندما بدأت أتعمق في البيانات، أدركت أن ذلك الانقطاع كان انقطاع الانحدار".
وقبل أن تتمكن ديل وكيروبين من المضي قدما، كانا بحاجة إلى درجات الأمان غير المقربة، التي لم تعد موجودة. لكن كان هناك حل بديل مؤقت، وهو أنه إذا تمكنا من العثور على ما يسمى مصفوفات الاحتمال الشرطي المستخدمة في حساب الدرجات غير المقربة، فيمكنهما إعادة إجراء العمليات الحسابية وإعادة إنشاء البيانات الأولية.
لذلك، قاما بغربلة آلاف الصناديق من الوثائق في الأرشيف الوطني الأمريكي في كوليدج بارك، بميريلاند، بحثا عن المصفوفات، لكنهما خرجا خاليا الوفاض. كذلك ثبت عدم جدوى البحث في أرشيف حرب فيتنام المتاح على شبكة الإنترنت في جامعة تكساس التقنية.
وقررت ديل السفر من كامبريدج، في ماساتشوستس، إلى واشنطن العاصمة للبحث في أرشيف مركز التاريخ العسكري للجيش الأمريكي في فورت ماكنير. وفي البداية لم تعثر على شيء. ثم قال مؤرخ يعمل بالقرب منها إنه رأى بعض الصناديق في القبو. وبعد أن قامت ديل بفحصها، خرجت من المركز وأرسلت لكيروبين رسالة نصية من كلمتين، "عثرت عليها". ويتذكر كيروبين "ربما كنت سأستسلم قبل ذلك بكثير، لكنها كانت ملتزمة للغاية حتى إنها أكملت بحثها عن مصفوفات الاحتمال الشرطي إلى أن وصلت إليها".
وبعد إعادة تكوين الدرجات الأولية واستخدام انقطاع الانحدار، خلصت ديل وكيروبين إلى أن استراتيجية الولايات المتحدة المتمثلة في استخدام القوة القاهرة قد أتت بنتائج عكسية، فقد أدى القصف إلى زيادة، وليس انخفاض، احتمالات دعم القرويين للتمرد الشيوعي، كما أضعف الأنشطة المدنية غير الشيوعية.
وهناك أجزاء من دراستهما البحثية تشبه لائحة اتهام للاستراتيجية العسكرية الأمريكية في فيتنام، مسترشدة في الأساس بآراء عباقرة جامعات القمة في الولايات المتحدة آيفي ليغ في عهد الرئيسين جون كنيدي وليندون جونسون. وكان من بينهم ماكجورج بندي، المتخصص في العلوم السياسية في جامعة هارفارد، ووالت روستو، مؤلف كتاب The Stages of Economic Growth، وهو عمل مؤثر طالب بتحديد الشروط التي يتعين على الدول تلبيتها للارتقاء في سلم التنمية. كما انتقدت ديل مستشارين، مثل بندي وروستو، لاقتراحهم نظريات براقة لم تكن مبنية على البيانات، وقالت إنهم أعطوا العلوم الاجتماعية سمعة سيئة.