Author

الدولار وتأثيره في الأسهم والسلع

|
يعد مؤشر الدولار DXY الذي يقيس أداء الدولار مقابل سلة من العملات الأساسية أحد المؤشرات المهمة التي لها دور في تتبع حركة الأسواق والبوصلة التي تقود إلى اتجاهاتها، لذلك يهتم المتداولون في الأسواق بمتابعة مؤشر الدولار، لما له من تأثير معاكس في حركة الأسهم والسلع، وعلى رأسها النفط والذهب، فضلا عن أهميته في تداول العملات، فارتفاعه يعني انخفاض أسواق الأسهم والسلع، والعكس صحيح، فانخفاضه يعطي مجالا لهما في الارتفاع، هذه العلاقة العكسية ليست دائمة ولها بعض الاستثناءات، لكنها في الغالب والعموم تكون كما ذكرنا.
من أهم العوامل الداعمة لارتفاع الدولار هو ارتفاع معدلات الفائدة، لذلك تعد الأخيرة عدوا لدودا غير مرحب بها لدى متداولي الأوراق المالية والسلع، فشاهدنا الانخفاضات تضرب أغلبية الأسواق المالية منذ بدأ بركان الدولار بفوران لم يشهده منذ أكثر من 20 عاما، حيث تجاوز مطلع الأسبوع الحالي مستوى 108 وهو مستوى لم يزره منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2002، ما سبب كثيرا من الألم لأسواق الأسهم. وبما أن الدولار لا يزال موعودا بسلسلة أخرى من رفع معدلات الفائدة هذا العام، حسبما صرح به جيروم باول، رئيس "الفيدرالي الأمريكي"، فإن ذلك يعني انتعاشا أكبر واستمرارا في صعود الدولار، ما ينعكس على أسواق الأسهم والسلع سلبا، هذا فيما يتعلق بالمؤثرات الاقتصادية التي تسهم في ارتفاع الدولار. أما من الناحية الفنية، فلا يزال مؤشر الدولار في اتجاه صاعد مرشحا لكسر حاجز الـ 110، ولديه مستهدفات فنية على المدى المتوسط أعلى من 125 نقطة.
لا تزال التصريحات والتنبؤات حول العالم تشير إلى حالة ركود تلوح في الأفق، قد تضرب الاقتصاد الأمريكي أولا، وبقية العالم لن تكون بمنأى عنها رغم تفاوت النسب في ذلك، لكن كما يقال لكل قاعدة شواذ، فإن الدراسات والبحوث التي تشير إلى ذلك وتتوقع انكماشا في الربع الثاني للاقتصاد الأمريكي، لا تزال تتوقع نموا كبيرا في اقتصادنا المحلي، فعلى سبيل المثال، البنك الدولي الذي يتوقع تراجعا في أكبر اقتصادات العالم، كالولايات المتحدة والصين وغيرهما من الدول، يتوقع أن ينمو الاقتصاد السعودي إلى 7 في المائة للعام الحالي، متراجعا عن توقعاته السابقة التي صدرت في كانون الثاني (يناير) الماضي بأن ينمو اقتصاد المملكة إلى 4.9 في المائة مقارنة بتوقعاته السابقة قبل ذلك بأن يكون النمو 3.3 في المائة. كما توقع خبراء صندوق النقد الدولي نمو إجمالي الناتج المحلي للمملكة 7.6 في المائة هذا العام.
هذه التوقعات الإيجابية لنمو الاقتصاد السعودي هذا العام، وبفارق كبير عما سبقها، تشير إلى أن الركود المتوقع الذي سيتضرر منه العالم سيكون تأثيره على أقل تقدير طفيفا في اقتصادنا المحلي، فضلا عن كونه خارج تلك الدائرة، يدعم ذلك الفوائض التي حققتها الميزانية العامة للدولة خلال الربع الأول، كما أن الميزان التجاري للمملكة سجل فائضا خلال الربع الأول بأكثر من 200 مليار ريال. هذه الأرقام التي تشير إلى نمو كبير محليا قد كانت تسير في الاتجاه المعاكس في الربع الأول لأكبر الاقتصادات، ومما لا شك فيه أن أي ركود سيضر بأسعار الطاقة، لكن الضرر سيكون متفاوتا، خاصة إذا كانت معدلات النمو محليا تتشارك فيها عدة عوامل وليس أسعار الطاقة فقط.
إنشرها