Author

ارتفاع الفائدة وأثرها في السوق العقارية

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية

الحديث عن معدل الفائدة اليوم أصبح الحدث الأهم فيما يتعلق بالنشاط الاقتصادي حول العالم، فمنذ أن بدأت وتيرة التضخم بالتصاعد، اتخذ الفيدرالي الأمريكي خطوات للحد من تفاقم التضخم والحد من ارتفاع الأسعار من خلال رفع أسعار الفائدة، حيث بلغ التضخم في الولايات المتحدة مستويات عالية بأكثر من 8.5 في المائة، وهذا يفوق الحد الأعلى المستهدف للاقتصاد عند 2 في المائة. ويرى "الفيدرالي الأمريكي" أن بلوغ هذه المستويات يتطلب إجراءات حازمة للحد من تفاقم التضخم، فبدأ بالتدرج في مسألة رفع أسعار الفائدة لتصل إلى مستويات 3.5 في المائة قبل نهاية العام.
هذه الإجراءات من قبل "الفيدرالي الأمريكي" انعكست بصورة كبيرة على الأسواق في العالم، خصوصا أسواق الأسهم وأدوات الدين والسلع، بل يمكن أن يكون لها أثر غير مباشر في العملات المشفرة التي شهد بعضها انهيارات في أسعارها، وفي ظل هذه التقلبات فما أثر ارتفاع أسعار الفائدة في العقارات التي تشمل الأسهم العقارية وصناديق الريت المتداولة والصناديق المختصة بالاستثمار العقاري وأسعار الأراضي والمنازل والاستثمار العقاري في التأجير وغيره من صورة الاستثمار المتنوعة في القطاع العقاري؟ حيث إن الجدل كبير في هذه المسألة باعتبار أن القطاع العقاري له علاقة مباشرة بأسعار الفائدة التي تؤثر بصورة مباشرة في تكلفة التمويل، حيث إن القطاع العقاري يصنف التمويل فيه بأنه تمويل طويل الأجل، وبالتالي يتأثر بصورة مباشرة برفع أسعار الفائدة، وغالبا ما يكون التمويل العقاري بطريقة الفائدة المتغيرة، خصوصا إذا كانت مدة التمويل طويلة، وفي التمويل المتوافق مع الشريعة يكون بتسعير الأجرة المتغير بحسب حركة السايبور ارتفاعا وانخفاضا.
في أغلب أنظمة التمويل العقاري، خصوصا طويلة الأجل التي تتجاوز عشرة أعوام، يكون فيها تسعير تكلفة التمويل متغيرا، سواء في التمويل المتوافق مع الشريعة أو التمويل التقليدي، وغالبا ما يتم تثبيت التكلفة لمدة لا تتجاوز عامين، وقد تصل إلى خمسة أعوام بتكلفة أعلى، فكلما تم تثبيت تكلفة التمويل لمدة أطول زادت تكلفة التسعير، ونحن نلاحظ اليوم أن تكلفة التمويل العقاري تزيد على تكلفة التمويل الشخصي، حيث إنها أقل تكلفة في التمويل الشخصي باعتبار أن التمويل الشخصي مدته قصيرة مقارنة بالعقاري، ولذلك من المنطقي أن التغيرات في أسعار الفائدة لا يجب أن تؤثر بشكل ملحوظ في الإقبال على التمويل، إذ إن الارتفاع والانخفاض وارد في أي مرحلة من مراحل التغيير في تسعير الفائدة ولن يستفيد من يحصل على التمويل العقاري من انخفاض التكلفة إلا في مدة قصيرة قد لا تتجاوز العامين، ولذلك ليس متوقعا انخفاض الإقبال على التمويل العقاري بهدف السكن باعتبار الحاجة الفورية إليه وأن تأثير التغير في الفائدة محدود.
فيما يتعلق بالتمويل الذي يستهدف الاستثمار العقاري، فإن هذا قد يتأثر بصورة قد تكون أكبر، والسبب في ذلك أن خيارات الاستثمار في الأدوات منخفضة المخاطر ستكون أكثر جاذبية، وكما حصل في أسواق الأسهم، فإن أسعار الأسهم انخفضت، حيث قد يفضل البعض الاستثمار في الأدوات منخفضة المخاطر لتقارب ربحيتها وعوائدها مع كثير من الشركات المتداولة في السوق مع أفضلية انخفاض المخاطر، وبالتالي يمكن أن يشهد القطاع العقاري المعد للاستثمار شيئا من انخفاض الطلب، خصوصا إذا ما أضفنا أن تكلفته ستزيد نسبيا بسبب ارتفاع تكلفة التمويل، فالعائد على الاستثمار فيها أصبح أقل جاذبية.
الظروف في المملكة قد يكون صعبا أن تسير بالصورة السابقة باعتبار وجود عوامل أخرى مؤثرة، حيث إن هناك دعما كبيرا لتمويل قطاع الإسكان الذي يستهدف الوصول إلى نسبة 70 في المائة من الأسر تتملك مساكنها قبل حلول عام 2030. ومن المعلوم أن جهود وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان الكبيرة، كانت مبهرة خلال الفترة الماضية، واستطاعت أن تصل إلى نسبة أكثر من 60 في المائة من 47 في المائة في فترة قياسية، والبرامج التي يتم التسجيل عليها ستجعل الإقبال على التمويل والسكن أكبر، ببرامج تجعل من قيمة المساكن أسعارا مناسبة بمشاريع سكنية عملاقة يعمل عليها حاليا صندوق الاستثمارات العامة من خلال شركة روشن. تتمتع المملكة حاليا بظروف اقتصادية إيجابية جدا تحد من أثر التضخم، حيث يتوقع أن ينمو الناتج المحلي بنسبة أكبر من 7.5 في المائة هذا العام، وهي تمثل أكثر من ثلاثة أضعاف نسبة التضخم محليا، ما يبقي حجم الطلب في السوق قويا بما في ذلك القطاع العقاري.
الخلاصة: القطاع العقاري سيبقى جذابا في المملكة، كما يتوقع أن تكون أسعار المساكن في المشاريع الجديدة مناسبة، لأن المشاريع العملاقة تستهدف توفير نماذج أكثر كفاءة في التكلفة وجودة المنتج، لكن القطاع العقاري يمكن أن يحقق نموا بوتيرة توازي نمو الاقتصاد الوطني.

إنشرها