Author

شبح الركود وشهية المخاطرة

|
تراجعت الأسواق الأمريكية بشكل حاد مطلع تداولاتها، الإثنين الماضي، حيث هبط "داو جونز" أكثر من 3 في المائة، بينما هبط "ستاندرد آند بورز" أكثر من 4 في المائة، فيما تجاوز هبوط "ناسداك" 5 في المائة. جاءت هذه التراجعات بعد إعلان الولايات المتحدة ارتفاع نسبة التضخم إلى 8.6 في المائة، ما خالف توقعات المحللين وبيوت الخبرة بأن يصل إلى 8.3 في المائة، وتوقعهم بأنه قد بلغ ذروته، إلا أن التضخم ظل مستمرا في الارتفاع، ما يهدد بركود اقتصادي قادم يتوقع كثيرون أن يظهر جليا خلال النصف الأول من العام المقبل 2023.
هذا التسارع بارتفاع التضخم ووصوله إلى هذه المستويات لم يحدث منذ عام 1981، أي ما يزيد على 40 عاما! ما دفع "الفيدرالي الأمريكي"، إلى رفع نسب الفائدة بشكل متسارع لمحاولة كبح جماح التضخم، إلا أن الرفع المتسارع بالشكل الحالي يهدد الأسواق، وينذر بحالة ركود مقبلة ما لم يكن هناك أي تغيرات اقتصادية من شأنها إيقاف ذلك.
لا تزال الأسواق الأمريكية التي تعد السوق الأم لبقية الأسواق في العالم وقائدا لبوصلتها تعاني تراجعات منذ بداية العام الجاري 2022 يتخللها بعض الارتدادات المؤقتة، لكنها ترضخ تحت ضغوط كبيرة ومتنوعة، منها: رفع الفائدة الذي يؤثر سلبا في أسواق الأسهم، وكذلك ارتفاع الدولار، وحالة عدم اليقين التي تسود الأسواق ككل، إلا أن من المتوقع أن تستمر هذه الحالة حتى تبدأ نسبة التضخم بالتراجع، وتعطي إشارة واضحة على الأقل بأن الهبوط وصل إلى قمته وبدأ بالتخلي عنها، إلى حين ذلك سيبقى المستثمرون متحفظين في ضخ سيولة جديدة في الأسواق.
كما ارتفعت أسعار النفط مجددا مدعومة بتوقع منظمة "أوبك" نمو الطلب وعودة استهلاك النفط إلى مستويات أعلى مما كانت عليه قبل جائحة كورونا، وذلك خلال النصف الثاني من العام الحالي.
من جهة أخرى، لا تزال السوق السعودية مستمرة في عمليات التصحيح، وكسرت منطقة دعمها المهمة 11900، وتعد هذه المنطقة قمة تاريخية سابقة تحولت لدعم، كما أنها تشكل نسبة 61 في المائة فيبوناتشي، وهي النسبة الذهبية كما تسمى، حيث إن الأسواق والأسهم غالبا ما تشهد عمليات ارتداد عند الوصول إليها، لكن ذلك لا يعني عدم كسرها مستقبلا بقدر ما يعني استفادة المضاربين ورصدهم لها للاستفادة من الارتداد المتوقع.
ومن المبكر القول، إن السوق أنهت عمليات التصحيح طالما تتداول تحت متوسط 50 يوما الذي يقع حاليا عند مستوى 13 ألف نقطة "مستوى متحرك".
لكن ذلك لا يعني عدم استفادة المستثمرين من عمليات الهبوط ومدى اقتناصهم الفرص على دفعات متفاوتة سعريا وبشكل تدريجي، حيث ارتفعت مشتريات الأفراد في الأسبوع الماضي الى ما يزيد على 800 مليون ريال، وهي إشارة إلى أنه رغم التراجعات والعواصف التي تشهدها الأسواق عموما والسوق السعودية خصوصا، إلا أن هناك من هو مستمر في الشراء حسب القطاعات والشركات التي يراها مناسبة.
وعودا على بدء، فكثير من المحللين يتوقع دخول الاقتصاد الأمريكي حالة ركود، خاصة بعدما أعلن حالة انكماش في الربع الأول من العام الحالي، لكن هذا التوقع يمكن الجزم به بمتابعة منحنى العائد على السندات التي يشترط الأغلبية فيها أن تستمر على الأقل لربعين من العام.
إنشرها