دراسة الاستهلاك

حديث غلاء الأسعار يسود العالم ويهم كل إنسان، ولعلكم لاحظتم أن أسعار "البيض" المثال الأشهر أخيرا قد انخفضت نسبيا، ولا نعلم تحديدا: هل كان بسبب تقليل الناس الشراء، أو إحجام شريحة منهم عن أكله، أو أن الشركات أدركت أن الدجاج سيبيض كل يوم وإذا لم يتم تسويقه سيكلف تخزينه لمن يخاف الله في تخزينه، أو تلفه كثيرا من المال.
تناقل البعض "دراسة عالمية"، كما تم وصفها، أجرتها "تولونا العالمية" المتخصصة في دراسات السوق الرقمية للوقوف على مدى تأثير التضخم وارتفاع الأسعار على الاتجاهات السلوكية في تكيف المستهلكين مع هذا الارتفاع وخططهم بترشيد الإنفاق في الفترة المقبلة.
الدراسة خلصت إلى أن نسبة المستهلكين في السعودية المستعدين للاتجاه نحو اختيار بدائل أقل تكلفة كانت أعلى من النسبة العالمية، التي بلغت حسب الدراسة 48 في المائة، حيث شملت الدراسة عددا من الأسواق العالمية، من ضمنها سوقنا، بهدف رصد تداعيات التضخم العالمي في الأسعار على الأسواق العالمية وفي منطقة الشرق الأوسط.
52 في المائة من المستهلكين في السعودية يتجهون إلى البدائل الأقل تكلفة، و41 في المائة عازمون على زيارة مزيد من متاجر المواد الغذائية بحثا عن القيمة، و33 في المائة سيتسوقون بوتيرة متكررة لتجنب الهدر والحصول على عروض أفضل، فيما 28 في المائة مستعدون لتغيير العلامات التجارية للأغذية التي يشترونها عادة.
هذه الأرقام لافتة، وإذا كانت دقيقة وكانت منهجية الدراسة علمية، فنحن إزاء ارتفاع في معدلات الوعي الاستهلاكي، الوعي الذي يبدو أنه ناتج من ذات الفرد، وإحساسه بالمسؤولية، ومع الأسف لم يكن ذلك نتاجا لتوعية مؤسساتية قامت بها جمعية متخصصة اسمها حماية المستهلك، لكنها تقول إن دورها هو توعيته.
ربما هي سانحة لهذه الجمعية وغيرها - إن وجد - من الجمعيات أو الجهات المهتمة بملف الغذاء وأسعاره أن تقوم بدراسات مماثلة، تخرج بنتائج أكثر دقة، وبناء على نتائجها تبنى حملات التوعية، وتحدد أهدافها، والشريحة التي يمكن أن تحتاج إليها أكثر، حتى ملف "الحماية" يمكن تحريكه أو تفعيله من الجهة المختصة بشكل أكثر فعالية إذا كانت على بينة أدق بالواقع.
إذا توافرت البدائل "الأقل تكلفة" في السلع الأساسية دون إخلال بجودتها أو إضرار بصحة الإنسان سيحدث التوازن في السوق، لن تنخفض الأسعار كثيرا لأن المشكلة عالمية وترتبط بعوامل كثيرة، لكنها ستظل تحت السيطرة النسبية للحكومة والناس.
الحماية مهمة وكذا التوعية، لكن المستهلك إذا انتظر الحماية دون وعي واتخاذ موقف، فسيطول انتظاره.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي