أسرار البركة

نسمع بين الحين والآخر جملة ـ بارك الله فيك ـ أو ـ الله يطرح فيه البركة ـ فما سر هذه الكلمة التي يتطلع الناس للحصول على مفهومها وما تتضمنه. تعرف البركة بأنها ثبوت الخير في الشيء، وتطلق على النماء والزيادة والسعادة. قد تكون حسية مادية وقد تكون غير ذلك. قد تكون في المال أو المكان أو الزمان أو الأشخاص، حيثما حلت البركة يحل الخير والأنس والسعادة. إنها جندي خفي لا تدرك أسراره ولا تسبر أغواره. عند الزواج يقال للعروسين ـ بارك الله لكما وبارك عليكما. الحق سبحانه يقول عن القرآن الكريم، "وهذا كتاب أنزلناه مبارك.. الآية"، وفي موضع آخر عن المكان، "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله.. الآية"، "ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين". وعن الزمان، "إنا أنزلناه في ليلة مباركة.. الآية"، وعن عيسى عليه السلام يقول الحق سبحانه، "وجعلني مباركا أينما كنت.. الآية".
وفي السنة المطهرة كثير من الأحاديث التي تبرز أهمية البركة وأنها حيثما وجدت وجد الخير، والسعادة، والطمأنينة، والهناء. ومن الدعاء المأثور "وبارك لنا فيما أعطيت". ويوضح أهمية البركة التي لا نراها ولا نلمسها، ولكن تدرك آثارها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما". وما دامت البركة بهذه الأهمية البالغة فمن الطبيعي أن يتساءل الإنسان عن كيفية إدراكها والحصول عليها.
من أبرز أسباب تحصيل البركة للأفراد والمجتمعات صدق الإيمان والتقوى، "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض.. الآية". والحرص على أن يكون الكسب من طرق مشروعة، إذ لطالما ثبت أن البركة تمحق وتتلاشى حين يحصل الإنسان على المال من مصدر مشبوه أو غير شرعي. يظن البعض أن البركة مرتبطة بالمال فقط وهذا غير صحيح، فقد تكون البركة في الزوج أو الزوجة أو الذرية أو في الصحة أو في السعادة القلبية أو في الراحة في العمل أو في الزمان أو المكان وفي غير ذلك. إن أبواب البركة كثيرة ومتنوعة ومن الحكمة والفطنة أن نحرص عليها لتكون طوق نجاة لنا وسط أمواج الحياة المتلاطمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي