واشنطن وبكين.. هدوء الجبهة التجارية

يبدو أن كل شيء قابل للتفاوض التجاري بين الولايات المتحدة والصين. التهديدات والاتهامات والمشاحنات والملاسنات المتبادلة، تنزوي تدريجياً بالفعل، عندما يعتزم الطرفان الوصول إلى حلول ناجعة للمواجهة التجارية الراهنة، التي استعرت بصورة خطيرة منذ مطلع العام الجاري. إنها الصيغة التقليدية المعتادة بين "المتخاصمين" تجارياً، ارفع السقف إلى أعلى مستوى، لضمان صفقة مقبولة بعوائد مقنعة.
لا أحد يتوقع أن تدوم هذه المواجهة طويلاً، ولا سيما مع المرونة التي آبداها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في الفترة الماضية. فخطابة تدحرج من هجوم بالتعريفات بلغ 100 % إلى حرص على رفع "المظلومية" التجارية عن بلاده، لا أكثر ولا أقل. وهذا لا ينسحب على الصين فقط، بل على كل الدول بما فيها تلك التي تعد حليفة تاريخياً للولايات المتحدة.
مرحلة المفاوضات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، بدأت وأفرزت على الفور مؤشرات إيجابية، ليس فقط من جانب ما أعلنه ترمب، بل أيضاً من الجهة الأخرى. والحق، أن العالم أجمه ينتظر نتائج هذه المفاوضات، لما لها من تأثيرات مباشرة في الحراك الاقتصادي العالمي العام.
ولا شك في أن المكالمة الهاتفية المباشرة بين رئيسي البلدين، أزاحت عوائق ليس بسيطة. فقد أثبتت التجارب أن التواصل الشخصي بين المتخاصمين وحتى "الأعداء" يختصر المسافات، ويدعم أرضية تفاوضية أكثر قوة. ولعل من أهم المؤشرات الإيجابية، تخفيف دونالد ترمب لهجته فيما يتعلق بالقيود الأمريكية على مبيعات برامج تصنيع الرقائق، وقطع غيار محركات الطائرات، وحتى مادة الإيثان.
التفاؤل التجاري يتصاعد، ولكن هذا لا يعني أن إمكانية عقد صفقة متكاملة بشأن التعريفات الجمركية بات حاضرة على الطاولة. التقدم الحالي، أوقف بالتأكيد مسار التدهور بين الجانبين، أي أنه خفف التوترات المعيقة، خصوصاً مع إشارات ترمب الإيجابية. هل المسار لا يزال هشاً؟ بالطبع، لكن من الواضح أن بكين وواشنطن تريدان الوصول لحلول ما، أو حتى تفاهمات مبدئية، تأخد في الحسبان ملفات مساومة متوازنة.
الذي حصل بالفعل حتى الآن تخفيف متبادل للقيود التي فرضها الجانبان، وهذا ما يوفر آليات دعم لأي جولة تفاوضية أخرى، بل ويسرع موافقة رئيسي البلدين على ما تم التوصل إليه.
لن تكون هناك حلول سريعة، إلا أن أي خطوة إيجابية، بصرف النظر عن قوتها، سيكون لها تأثير مطلوب في هذه المرحلة، خصوصاً في ظل وجود ضغوط محلية متصاعدة في كلا البلدين، تتطلب حلاً ما للمعركة التجارية، تمهيداً لصفقة نهائية بين أكبر اقتصادين في العالم، علماً أن الوقت ليس في مصلحة كلا الطرفين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي