Author

متى تتحقق القيمة المضافة؟

|
يشيع تداول مصطلح القيمة المضافة في كثير من مجالات الحياة، إلا أنه أكثر شيوعا في المجال الاقتصادي، ويقصد به الأثر الإيجابي الذي يحدثه عنصر، أو إجراء يتم إدخاله، أو تفعيله في منظومة عمل من الأعمال، أو بيئة من البيئات، فمثلا نظام البصمة المعمول به في بعض الشركات والإدارات وضع بهدف ضبط الموظفين والعاملين في حضورهم وانصرافهم من بيئة العمل.
كما قد يكون من الإجراءات في بيئة عمل منح العاملين مكافأة مالية تحفيزا لهم على مزيد من الجهد، وجودة الإنتاج، إلا أنه ليس بالضرورة تحقق قيمة مضافة في إنتاجية الشركة، أو المصنع، وذلك لاعتبارات عديدة، كقلة الحافز المادي، وعدم منحه بطريقة مناسبة، وتقديمه في الوقت غير المناسب، وإعطائه لأفراد لا يستحقونه، ولذا يفقد الإجراء قيمته في مثل هذه الظروف.
في المجال الصحي يستخدم مصطلح القيمة المضافة، كما في حالة استخدام إجراء إضافي لفحص حالة مريض، أو إضافة دواء للعلاج الذي يتناوله، وفي هذه الحال يلزم الطبيب تقدير معرفة نسبة ما يمكن إضافته من تحسن لحالة المريض، إذ ربما يكون التحسن محدودا، وربما يكون الأثر عكسيا، وكم من الممارسات الطبية التي ترتبت عليها آثار جانبية لعدم الاهتمام الكافي من الطبيب، وقلة الحذاقة، وانعدام الخبرة.
قد يقام برج عملاق في مدينة من المدن، ونتساءل بشأن القيمة المضافة لهذا البرج في المدينة لتكون الإجابة أن البرج يضفي جمالا للمدينة، ويحل نسبيا قلة المساكن، وربما توجد مكاتب للشركات والمؤسسات العاملة لتنشيط الحركة الاقتصادية في المدينة، هذه لا شك قيم مضافة واضحة لكن يبقى السؤال: هل لو وجدت بدائل أخرى للبرج ستكون قيمتها المضافة أفضل وأقل تكلفة؟
في مجال التربية والتعليم يجب أن نقرر حقيقة لا يختلف عليها اثنان أن التعليم في حد ذاته، مهما قل مستواه، قيمة مضافة، فتعلم القراءة والكتابة فقط قيمة مضافة، والتدريب على استخدام جهاز، وليكن ماكينة خياطة قيمة مضافة تساعد الفرد على امتهان مهنة الخياطة، وكلما ارتقى مستوى التعليم، والتدريب، وتعقد مثل قيمة مضافة أعلى، ليس على مستوى الفرد، بل على مستوى المجتمع وعيا، واقتصادا، وثقافة، وقلة مشكلات اجتماعية.
بين فينة وأخرى توجد على المستويين العالمي والمحلي أطروحات وتجديدات تربوية، وتعليمية من شأنها استخدام طريقة جديدة في التدريس، أو تقنية جديدة، أو إضافة مادة جديدة، بهدف تحسين المخرجات التعليمية، والحد من الفاقد، أو لمسايرة الجديد على المستوى العالمي معرفيا وتقنيا، وفي هذه الحال لا بد أن يكون السؤال بشأن القيمة المضافة حاضرا، هل الإجراء مناسب؟ وهل تم تنفيذه بالشكل الصحيح؟ وهل القائمون على تنفيذه مؤهلون لذلك؟
القيمة المضافة ليست بالضرورة أن تحقق مباشرة بعد إيجاد النظام، أو الإجراء، وإنما قد نحتاج إلى وقت طويل ليتحقق المطلوب فعلى سبيل المثال، قبل 20 عاما طرح مشروعان، أحدهما تطوير التعليم في المملكة، أما الآخر فهو مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع، أما المشروع الأول فلم أسمع أو أقرأ عن إنجازاته شيئا يمثل إضافة حقيقية للتعليم، وأما المشروع الثاني، فبين فينة وأخرى نسمع عن إنجازات تحققت على أيدي من يتلقون رعاية المؤسسة، ولعل آخرها حصول عشرة من طلابها، وطالباتها على 16 جائزة في مسابقة آيسف التي عقدت في نيويورك نظير مخترعاتهم وأفكارهم الإبداعية.
إنشرها