تزايد تضخم أسعار المواد الغذائية عالميا «2 من 2»

شهد نحو 80 في المائة من اقتصادات الأسواق الصاعدة تضخما في أسعار المواد الغذائية تجاوز نسبة التضخم في العام الذي سبق الحرب التي بلغت 5 في المائة. إضافة إلى ذلك، من المرجح أن تستمر آثار الحرب، إذ سيواصل الصراع الدائر حاليا التسبب في تعطيل دورات زراعة المواد الغذائية وإنتاجها ونقلها، ما يزيد من تفاقم الوضع السيئ بالفعل. وما التضخم إلا ضريبة تنازلية، ويعد تضخم أسعار المواد الغذائية أكثر من ذلك.
في الدول الأقل دخلا، كما هو حال الأسر الأفقر، يمثل الإنفاق على المواد الغذائية والطاقة نسبة أكبر بكثير من الإنفاق، وتستنزف الأسعار المرتفعة نسبة أكبر بكثير من دخل تلك الدول والأسر. وفي عديد من الدول النامية، من المتوقع أن تتدهور الموارد المالية الحكومية مع اشتداد الضغط من أجل زيادة دعم المواد الغذائية والوقود.
وفيما يتعلق بالتحدي الثاني، فإن احتمال توقف روسيا عن سداد ديونها السيادية الخارجية بسبب العقوبات قد يؤدي إلى تجمع المخاطر حول ما لا نراه ولا يمكننا تحديد مقداره. وبينما تركز الأسواق على الديون السيادية، تواجه الشركات الروسية أيضا احتمال التوقف عن سداد ديونها. وإلى يومنا هذا، لا تزال التداعيات المالية محدودة، بيد أن من السابق لأوانه إعلان النصر على تلك الجبهة. ووفقا لما ذكره بنك التسويات الدولية، فإن تعرض البنوك الأوروبية للمخاطر التي تنطوي عليها الديون السيادية الروسية محدود، إلا أن من الصعوبة بمكان التأكد من مدى تعرض المؤسسات غير المصرفية لهذه المخاطر. وغالبا لا تتكشف طبيعة الروابط بين المؤسسات غير المصرفية إلا في وقت التوقف عن السداد. وأدت التقلبات التي شهدتها الأسواق بسبب توقف روسيا عن سداد ديونها في صيف عام 1998، إلى انهيار صندوق إدارة رؤوس أموال طويلة الأجل - وهو صندوق التحوط الأمريكي - ودفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى التدخل لتهدئة الأوضاع في أسواق رأس المال الدولية.
وربما تقع العواقب المالية المترتبة على هذا التوقف عن سداد الديون على نحو غير متناسب على كاهل الأسواق الصاعدة والدول النامية، حيث كان التعافي الاقتصادي من جائحة كورونا مخيبا للآمال في معظم الأحوال. فكثير من هذه الأسواق والدول لم يتعاف بعد من الجائحة. والدول النامية تجد بالفعل أنه يصعب عليها يوما بعد يوم سداد ديونها. واليوم، فإن نحو 60 في المائة من أكثر دول العالم فقرا المؤهلة للاستفادة من مبادرة تعليق مدفوعات خدمة الدين التي انتهى العمل بها العام الماضي يواجه مرحلة المديونية الحرجة، أو أنه معرض بشدة لها. وستجعل زيادة عدد المستثمرين الذين يحجمون عن تحمل المخاطرة، إضافة إلى ارتفاع أسعار الفائدة الدولية، جذب التمويل الجديد وخدمة الديون الحالية أكثر تكلفة. ووفقا لما ورد في إحصاءات الديون الدولية الصادرة عن البنك الدولي، تضاعف تقريبا إجمالي خدمة الدين الخارجي قياسا على الصادرات في الفترة من عام 2010 إلى عام 2020. وحدثت هذه الزيادة في فترة الانخفاض الاستثنائي الذي شهدته أسعار الفائدة الدولية.
إن تعرض الدول النامية لأزمة ليس قدرا محتوما، لكن المخاطر تتراكم بالفعل. الحقيقة أنه ما من وقت جيد لنشوب أي حرب. إلا أن هذه الحرب تأتي في وقت تظهر فيه بعض التصدعات الصارخة في الاقتصاد العالمي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي