الأسعار وفكرة لم تر النور
مع تصاعد الأسعار، خاصة السلع الأساسية لأسباب كثيرة، بعضها مقنع وبعضها الآخر غير مقنع للمستهلك أسترجع فكرة عمل عليها بعض الأصدقاء وكنت معهم، كان ذلك في أواخر عام 2010 وبداية العام الذي يليه، لعل البعض يتذكر تلك الفترة الزمنية وموجاتها التي أصابت عديدا من الدول العربية لاحقا.
تتلخص الفكرة في إنشاء سلسلة محال صغيرة وغير مكلفة في الديكور والتجهيزات تبيع المواد الأساسية، خاصة الغذائية وبعض الضرورات لذوي الدخل المحدود بسعر يقارب سعر التكلفة وربح بسيط يعين على الاستمرارية، أعدت دراسة لهذا الغرض ورغم ترحيب إحدى الجهات بها من خلال برنامج المسؤولية الاجتماعية التابع لها، وبعد اجتماعات مع المسؤولين فيها وتفاعلهم معها إلا أنها لم تر النور لعدم التزام تلك الجهة بما وعدت به من تمويل رغم أنها استغلت ذلك إعلاميا.
وليس المقصود هنا لوم تلك الجهة التي أتعمد عدم ذكرها أو غيرها فما أريد سوى النظر إلى الأمام، خاصة مع غلاء المعيشة واحتمالات استمراريته وربما تصاعده في ظل أحداث عالمية من وباء إلى حروب، كل هذا دفعني لاستعادة طرح الفكرة التي أعتقد أن بالإمكان العمل عليها، خاصة مع التطور الكبير في التقنية الرقمية بين ذلك العام الذي ولدت فيه الفكرة والعام الحالي 2022 إضافة إلى الإشراف الأكثر دقة من السابق على الجمعيات الخيرية متعددة الأغراض من قبل الوزارة، وأعتقد أنه حري بالجهة المشرفة على الجمعيات الخيرية مثل جمعيات البر وما في حكمها في وزارة الموارد البشرية أن تدرس هذه الفكرة وتحاول بعثها للوجود، لدى هذه الجمعيات كم هائل من المعلومات المهمة عن ذوي الدخل المحدود واحتياجاتهم الشهرية والسنوية من الأساسيات وهي معلومات يجب استثمارها بما يحقق الفائدة لهم وللقطاع الثالث، ويمثل هذا طلبا ضخما واحتياجات مستمرة وربما متزايدة ويمكن من خلال إدارة ذلك "الحاجة والطلب" باحترافية بواسطة إدارة بعيدة عن لهث البحث عن تعظيم الأرباح وبعيدة أيضا عن تعارض المصالح "التجارية" وهذه نقطة في غاية الأهمية. فالهدف إنساني خيري تكافلي، أقول يمكن إذا تم ذلك تحقيق حد أدنى من الطمأنينة المعيشية لذوي الدخل المحدود يحميهم من تقلبات الأسعار، ويتيح للجمعيات الخيرية الانصراف أو توسيع خدماتها إلى احتياجات أخرى مهمة أيضا لذوي الدخل المحدود، والله من وراء القصد.