الاحتيال وحوار الطرشان

بعد بيان البنك المركزي السعودي عن إجراءات لمواجهة الاحتيال المالي الذي يستهدف حسابات عملاء البنوك، نشطت البنوك السعودية في بث رسائل توعية تحذر من بعض أساليب الاحتيال المالي، حتى إن بعض البنوك صارت تتبنى مسابقات بجوائز مالية على شكل أسئلة عن الاحتيال المالي وكيفية التصرف المفترض والآمن من العميل.
هذا المشهد يشابه -إن لم يكن يطابق- ما حدث مع الاحتيال عن طريق الترغيب في الفوركس، حيث جاءت الاستجابة متأخرة وبعد انتشار إعلانات الفوركس وكثر عدد الضحايا. هذه الثغرة أي بطء الاستجابة من قبل الجهات المعنية الحكومية "ساما بشكل خاص" في هذه الجرائم الخطيرة، تثير التساؤل فالمفترض والمتوقع أن تكون تلك الجهات أول من يستشعر الخطر منذ ظهوره
وقبل استفحاله وتوسع دائرة ضحاياه، وكان ينتظر أن تكون أول من ينبه ويحذر قبل أن تتصاعد موجة الشكاوى وتتضخم الخسائر وتتراجع الثقة.
ومع بطء هذه الاستجابة لا يزال المشهد في جزئيات منه مثل حوار الطرشان، فالتركيز في رسائل التوعية من البنك المركزي والبنوك يشحن المستخدم بالنصائح والتحذيرات لكونه الحلقة الأضعف كما يقال، وفي هذا القول نصف الحقيقة، حيث إنه الحلقة الأضعف الظاهرة على السطح فلا يعرف أحوال الحلقات الأخرى القابعة في الظل بدقة! ومع سيل رسائل التوعية هناك أسئلة تتوالد من شكاوى تنشر على شكل مقاطع وتغريدات عن حالات تتعدى استغلال ضعف المستخدم والهندسة الاجتماعية، ما يشير إلى احتمال وجود ثغرات أخرى، وحوار الطرشان يظهر في عدم الإجابة بشكل واضح عن شكاوى ضحايا احتيال أو إعلان نتائج تحقيق في بعض قضاياه بالتفصيل لتوضيح الصورة للجميع، ولا من يجيب عما يتردد ويتداوله الناس. كيف عرف المحتال ذكرا أو أنثى أنك دخلت موقع بنك ما أو خرجت للتو من مبناه أو قدمت شكوى على جهة بصيغة معينة أو قدمت طلبا محددا وهو ما يجعل الحلقة الأضعف أكثر هشاشة؟.
وانتحال الأرقام الأرضية لم يجد حلا تقنيا أو ربما اهتمام بالبحث عن حل، مثله مثل رسائل الجوال التي صارت سلاحا ذا حدين.
والحديث عن أهمية الحفاظ على سرية البيانات الشخصية لا ينقطع لكنه ويا للعجب يتوقف عند التنويه بالأهمية ولا يتعداه إلى ملاحقة من يتاجر بالبيانات، رغم أن إعلانات "تجارة" البيانات حاضرة منذ زمن، فهل قرأت مرة عن القبض على متاجر ببيانات شخصية؟ وهل هناك مافيا لجمع بياناتنا الشخصية وبيعها؟.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي