حلول مبتكرة لتعزيز الموارد العامة «1»
تطرح مختلف الدول حول العالم حلولا مبتكرة لتعزيز مواردها العامة وتحسين المساءلة والشفافية في القطاع العام وتوليد الأموال اللازمة لصون الطبيعة. وتسلط ثلاث دراسات الضوء على هذه المناهج المبتكرة على مستوى السياسات التي يمكن أن تمثل دروسا للدول الأخرى. تسلط الضوء على ثلاث دول: بليز، كولومبيا، وغانا والدور الممكن للتكنولوجيا والابتكارات في تعزيز الموارد العامة.
ففي بليز، أسهمت مبادلات الدين بالطبيعة في تخفيض رصيد الدين الخارجي للبلد الذي يقع في منطقة الكاريبي بنسبة كبيرة بلغت 10 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، فضلا عن الموارد النقدية المتولدة عن تلك المبادلات في الوقت الحالي بهدف حماية خط الشعاب المرجانية الأطول على الإطلاق في نصف الكرة الغربي. وهناك مجال لإجراء مبادلات مماثلة لتمويل جهود صون الطبيعة في الدول الأخرى التي تزخر سجلاتها بالديون.
وفي الوقت نفسه، تستخدم المنظمات العاملة في مجال دعم الشفافية التكنولوجيات مفتوحة المصدر للنشر عن تضاربات المصالح غير المعلنة بين مسؤولي القطاع العام والحكومة في كولومبيا. ويمكن استخدام هذه البيانات من جانب مكتب المراقب العام، وهو الجهاز الرقابي الرسمي في كولومبيا، للتحقيق في قضايا الفساد، وكذلك من جانب الشركات الراغبة في تجنب مخاطر السمعة.
وفي غرب إفريقيا، لجأت غانا إلى التكنولوجيا لتحسين إمكانية حصول المواطنين على الخدمات العامة وتوسيع قاعدة إيراداتها. وتعمل السلطات حاليا على إنشاء قاعدة مجمعة لبيانات الممولين الضريبيين، ونظام رقمي لتسجيل العناوين، إلى جانب الاستفادة من نظام التحويلات المالية عبر الهاتف المحمول لزيادة مشاركة المواطنين في النظام الضريبي. وبلغ عدد المسجلين في نظام الهوية الرقمية الرسمي 15.5 مليون شخص حتى الآن، ويمكن التوسع في نطاق التغطية ليشمل معظم السكان البالغين مع نهاية العام الجاري.
يعد الحاجز المرجاني في بليز من عجائب التنوع الأحيائي. ويمتد 170 میلا عبر المياه الدافئة في منطقة الكاريبي ويحيط بمجموعة من الجزر المرجانية المستديرة والجزر المنخفضة والبحيرات الساحلية، وهو الأطول على الإطلاق في منطقة نصف الكرة الغربي، ويضم نحو 1400 سلالة متنوعة ما بين سلاحف منقار الصقر وخراف البحر وعدة أنواع من أسماك القرش، وجميعها مهددة بالانقراض. غير أن ارتفاع درجة حرارة المحيطات، والصيد الجائر وكذلك القطع الجائر لأشجار المانجروف، وأعمال التطوير غير الخاضعة للرقابة في المناطق الساحلية جميعها عوامل تشكل خطرا على النظام البيئي الهش.
وشهد العام الماضي جهودا كبيرة لدعم فرص بقاء تلك الشعاب. ففي الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر)، وقعت بليز اتفاقية مبادلة الدين بالطبيعة مع منظمة حفظ الطبيعة، وهي منظمة بيئية، أدت إلى تخفيض الدين الخارجي للبلاد بنسبة هائلة قدرها 10 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وربما الأهم من ذلك أن الاتفاقية كان لها دور كبير في تحسين آفاق حماية البيئة البحرية. وقال جون بريسينو، رئيس وزراء بليز، إن الاتفاقية ستسهم في حماية المحيطات في بليز وتمهيد الطريق نحو نمو قوي ودائم.
وبموجب هذه الاتفاقية حصلت بليز على قرض من إحدى المؤسسات التابعة لمنظمة حفظ الطبيعة لإعادة شراء "سند عملاق" تصل قيمته إلى 553 مليون دولار، وهو يمثل إجمالي رصيد الدين التجاري الخارجي للحكومة الذي يعادل 30 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، بسعر مخصوم قدره 55 سنتا للدولار. وتم توفير التمويل اللازم من خلال إصدار "سندات زرقاء" بقيمة 364 مليون دولار، في إطار صفقة بيع تمت من خلال بنك كريدي سويس بصفته البنك المنظم وضامن الاكتتاب، كما قامت المؤسسة الأمريكية لتمويل التنمية الدولية، وهي البنك الإنمائي التابع للحكومة الأمريكية بالتأمين على الصفقة. وأتاح ذلك الحصول على القرض بسعر فائدة منخفض وأجل استحقاق طویل مدته 19 عاما مع السماح بعدم سداد الأصل لمدة عشرة أعوام... يتبع.