منظومة الإرشاد الأخلاقي
في مدرسة في جدة توفي طالب إثر مشاجرة مع زميل له -رحمه الله وعظم أجر ذويه- وقبلها انتشر مقطع لطالب آخر يكيل الضربات لمن قيل أول الأمر إنه معلم ثم ذكر أنه طالب وليس معلما.
هناك انطباع لدى بعض المعلمين والمعلمات أن وزارة التعليم تقف مع الطالب في غالب الأحوال سواء تشاجر مع زميل له أو لها أو مع معلم، ولا شك أن لهذا الانطباع سببا وتجارب تدفع للنظر بعين متأملة لواقع البيئة التعليمية وما يشوبها من عنف وتنمر وأحيانا.. لا مبالاة إدارية.
في القضايا المذكورة التي نتج عنها وفيات أو إصابات من الواجب على وزارة التعليم مسؤولية الحفاظ على الحق العام وهو حق لبيئة التعليم وتربية النشء، فالمدرسة ليست مطبعة لأوراق العمل والشهادات فقط.
هذا إجراء مهم لعلاج وقتي، والعنف في المدارس وما حولها بعد خروج الطلاب منها معروف ويبرز للواجهة الإعلامية عند حدوث كارثة بوفاة أو إصابة، ولا شك أن ضبط السلوك والحض على الأخلاق الحسنة في الساحة التعليمية ليس بالأمر الهين ولا اليسير، خاصة مع سيول منهمرة وفيضانات هادرة من المغذيات للعنف والتنمر والتنافسية السلبية، تصب في مخيخ النشء من طلاب وطالبات عبر شاشة جوال أو آيباد وسماعته وألعاب وتطبيقات، ويزيد من الصعوبة هذه الهجمة "العولمية" غير المسبوقة على الأخلاق والفطرة السليمة إجمالا، صحيح أنها ليست وليدة الساعة لكنها أخيرا أعلنت نفسها بكل وضوح وتحد ودعم من حكومات دول غربية كبيرة وقوية، وتتخذ هذه الهجمة من الحرية الفردية "زورا" ستارا لتنفيذ أهدافها في إشاعة الشذوذ وتمرد الفرد على الأسرة، ولم يكن لهذه الهجمة النجاح لو تم اتخاذ مواقف مسبقة خاصة من منصات عالمية إعلامية تبث تحت ستار الترفيه.
كل هذا مجتمعا يمثل خطورة بالغة على مستقبل النشء رجال ونساء المستقبل وعلى تماسك المجتمع وتناغمه وتعليته لمبدأ التعاون والتكاتف على التنافس والأنانية وحسن خلق يراه ضعفا.
من هنا أدعو وزارة التعليم إلى تفعيل منظومة متوافرة لديها ففي كل مدرسة مرشد طلابي "اجتماعي" يشكل هؤلاء منظومة يمكن العمل عليها لتكون مبادرة استباقية وليست درعا دفاعية فقط، وذلك من خلال برامج تفاعلية تنشط في المدارس، يتم تصميمها بحيث تتناسب مع تطور وتنوع الذائقة لدى النشء بعد كل هذا الانفتاح الإعلامي الإنترنتي، وليكون هدفها الاستراتيجي تعليمه قيمة ومكانة حسن السلوك ومكارم الأخلاق.