«مآب»
مآب هو اسم معرض فني عرضت فيه أعمال تشكيلية وفوتوغرافية للفنانين إيمان العصيمي، عالية المرديني، رقية آل سعود، فهد النصار، وميساء شيلدان جميعها كما وقفت عليها عن معنى وجود الإنسان وعودته إلى ذاته، العودة التي تساعده على الرقي بذاته، والتجرد من بعض ملهيات الحياة السطحية.
اختار الفنانون الذين استضافتهم "نايلا جاليري" في الرياض رمضان المبارك لتوجيه رسالة سامية تتوافق والشهر الكريم، وكأنما يستمدون روحانية معينة من هذا الشهر.
عمل فهد النصار المعروض مثلا، هو عبارة عن مجموعة صور تحت عنوان "الجوارح" خصصت كل صورة لأحدى جوارح الإنسان، وهو ينطلق من فكرة أن جوارح الإنسان هي نقطة التقائه وتواصله مع الآخرين، وأن التحكم بهذه الجوارح وتجديدها ومراجعة أفعالها يقدم الإنسان بنسخته الأفضل.
إيمان العصيمي استخدمت اللون الأصفر لون انبثاق، كما استوحيت من لوحاتها وهي مع تركيزها على جذوع الأشجار تجعل من الأصفر لون التعافي والتشافي، حيث سيعقب اصفرار أوراق الأشجار المرتبط بالخريف والاندثار، نشوءا جديدا وتجددا وأوراقا خضراء، أي: حياة جديدة ومنظر متجدد.
ربما تكون قراءاتي للأعمال قاصرة، لكن المشاركين وضعوا كلمات مفتاحية بسيطة أمام أعمالهم تساعد غير المختصين مثلي على قراءة اللوحات، أو التعرف على أفكارهم، فميساء شيلدان التي ركزت على اللون الأبيض في لوحاتها كتبت بجوار أعمالها: "الأبيض ليس نقيا" وهي تصف عملها بأنه "يصف المشاعر الإنسانية بعد مواجهة مواقف الحياة".
المنشور الخاص بالمعرض جاء فيه: "هنالك صبغة شاعرية تسم كل نوع من أنواع الحركة، المصيرية من نوعها خاصة، تلون الوجدان أثناء خطوها وتترك فيه أثرا عميقا. غير أن الرجوع من بين أشكال الحركة كلها ما يحمل في ضمنه مزيجا فريدا من الأسى والتوق، أي: العاطفتان الجوهريتان لعملية المراجعة، والتحسين الذي يأتي ناتجا عن تمحيصها، ورمضان، بما يحمل من روحانية ودفء، هو شهر الرجوع في أكثر أشكاله إبهارا وشلالية، وأكثرها حميمية كذلك".
المآب في اللغة هو المرجع، ورمضان الكريم هو مرجعنا السنوي إلى ذواتنا وأرواحنا وأنفسنا، نحاسبها ونعاتبها ونحفزها، ونقترب أكثر مما يجب ويحسن الاقتراب منه، ونبتعد عما نحسه جارحا للصوم.
أحسن الفنانون في ربط أعمالهم بمفاهيم مستقاة من الشهر الفضيل، وهذا سبق ثقافي إبداعي مهم، فقد كان بإمكانهم العرض في مواسم العرض المعتادة عالميا ومحليا والاستفادة أكثر من زخم جماهيري ونقدي وربما مالي، لكنهم آثروا الاجتماع على شيء مختلف في توقيت مؤتلف.