أوافق على الشروط والأحكام
دون دخول في التفاصيل أثبت بيان البنك المركزي السعودي "ساما" الأخير أن خروقات الاحتيال المالي والسيبراني في القطاع المصرفي كبيرة ومتنوعة، وأكدت الإجراءات التي طالب "ساما" تطبيقها من قبل البنوك وبعضها بشكل عاجل حجم القضية وسخونتها، ونستخلص مما جاء في البيان وكذا الإجراءات التي تم تداولها في وسائل التواصل أن وعي العميل جزء من المشكلة، سبب من الأسباب وليس السبب الوحيد حيث اتضح ضعف إجراءات البنوك وعدم استثمارها كما يجب في الكوادر البشرية المتخصصة والبني التحتية والأنظمة المتقدمة الخاصة بمكافحة الاحتيال المالي، رغم الاندفاع للتوسع في الخدمات الرقمية.
إشارة البنك المركزي إلى القطاع البنكي بضرورة الاهتمام بشكاوى العملاء من خلال وضع إجراءات داخلية فاعلة تتضمن سرعة التجاوب مع شكاوى العملاء وغيرها مما يطول ذكره، يؤكد حجم المشكلة التي طال أمدى الشكوى منها وتضرر كثير من العملاء في مقابل ضعف أو لا مبالاة إدارات في القطاع المصرفي.
بيان "ساما" والإجراءات العاجلة التي ألزم البنوك بها ولهجته الصارمة كان فيه أيضا رد على بعض من "يطمر" عند طرح شكوى عن جرائم الاحتيال المالي، ويضع بكل جزم أن كل المسؤولية فيها على العميل إلى آخر الكلام الذي لا يشير إلا لعدم إحساس بالمصلحة العامة وحقوق الآخرين وخطورة تضعضع الثقة في القطاع المصرفي.
وربما يكون المديح المستمر لتطور هذا القطاع سببا في كسله وعدم مواكبته الاستباقية لتطور أساليب الاحتيال، إضافة إلى أن موافقة العميل "الاضطرارية" لتطبيق الشروط والأحكام التي يضعها البنك، ربما جعلت الإدارات التنفيذية في تلك البنوك لا تهتم كثيرا بما قد يحدث للعميل، مادام قد وافق على تلك الشروط التي لا أول لها ولا آخر وتستهدف حماية البنك من المسؤولية.
وأعتقد أن المشكلة أكبر بما يتجاوز القطاع المصرفي خاصة إذا ما نظرنا إلى استغلال "الهندسة الاجتماعية "، صحيح أنه هدف ثمين للمجرمين، لكنه في الوقت نفسه يشير إلى خروقات وتسربات طالت البيانات الوطنية، وعلى أساس هذه الفرضية ولأهمية القضية حاضرا ومستقبلا، أقترح تحقيقا على مستوى أعلى يطال الشركات المحلية والأجنبية التي تم التعاقد معها من الوزارات والهيئات في كل ما يخص البيانات الوطنية، وتلك الأخرى التي تستلزم خدماتها الحصول على هذه البيانات أو استثمارها ولا ننسى شرائح الجوالات المستغلة من قبل مجهولين. وفي الختام لدي سؤال لهيئة الاتصالات و"تقنية" المعلومات ما فائدة الرقم 330330 الذي نبلغه بأرقام المحتالين دون أن يحد منها.