مخزون الأراضي وسوق الأسهم
ما حجم الأراضي السكنية التي نحتاج إليها لتملك 70 في المائة من المواطنين للمساكن وبأسعار ملائمة بحول 2030؟ الإجابة عن السؤال صعبة، لأن الأراضي الخام والكبيرة لا تزال بعيدة إلى حد ما عن مرمى السياسات الاقتصادية والتشريعات التي تحدد مجالات استعمالها وفق طبيعتها المثلى اقتصاديا، إلا أن الجهود التي بذلت منذ 2016 في القطاع العقاري أحدثت قفزة في إصلاح القطاع تنظيميا، وكان ربط تملك المساكن بأدوات تمويل تجارية ودعم حكومي مزدوج، ترقية تاريخية لنموذج الدعم القديم، ولا سيما في ظل تعقيدات القطاع وتشتت ملكية مخزون الأراضي وتباين جاهزية الخدمات العامة للأراضي.
بعد تصريح وزير الإسكان حول تخطي أسعار العقار قدرة المواطن الشرائية، على الرغم من نجاح الوزارة في زيادة تملك المساكن، فخروج أسعار العقار عن القدرة الشرائية كان متوقعا، ويعزى ذلك إلى أن جل مخزون الأراضي السكنية في يد مضاربين أو شركات أو ملاك فوائض مالية ضخمة متولدة من أرباح شركات عائلية مخصصة لشراء أراض خام أو أراض مطورة، بهدف المضاربة أو التحوط أو الاستثمار الرأسمالي، أي التربح من فرق الأسعار زمنيا دون أي إضافة اقتصادية.
إذا ما أردنا تحسين تكاليف تملك المساكن وزيادة كفاءة التمويل العقاري، علينا العودة إلى جذور مسببات شح الأراضي، أي أننا إذا عالجنا جذر المشكلة سنحصل على قروض بتكاليف أقل وبرهن عقاري ميسور لا تتجاوز استقطاعاته الشهرية 40 في المائة من الدخل بما في ذلك العبء الضريبي العام، فهذه النسبة مهمة لجودة حياة الأسرة وزيادة مشاركة القطاعات الاقتصادية الأخرى في الناتج المحلي.
وقبل أن أصل إلى خاتمة المقالة، سأضع بعض الحلول من منظور تنظيمي واقتصادي لتحسين أسعار الأراضي. أولا، تطوير مشروع نظام لاستعمالات الأراضي اقتصاديا ومراقبة مخزون الأراضي. ثانيا، تجيير الفوائض المالية للأفراد والشركات بما في ذلك الشركات العائلية إلى الأسواق المالية عن طريق تقييد عدد الصكوك المملوكة للأفراد والشركات لغايات أعمالها فقط، وهذا سيحفز على بناء مشاريع أو الاستثمار في الأسهم. ثالثا، منع بيع الأراضي الخام إلا لشركات عقارية مساهمة في تطوير الأراضي الخام، أي تأسيس شركات لهذا الغرض وتقييد مدة تطويرها وعرضها للبيع بعام واحد فقط من تاريخ الشراء. رابعا، بناء سياسات توجيهية واسترشادية لاستقطاع 10 في المائة من أرباح الشركات المساهمة في الأراضي الخام للاستثمار في شركة الكهرباء، لمساعدة شركة الكهرباء على سرعة إيصال الخدمة.
أخيرا، إن توجيه الفوائض المالية للمجتمع إلى الأسهم، سيجنبنا مخاطر الفوائض المالية المتاحة في يد الأفراد والشركات التي ترفع الأسعار وتهمش قوة الريال الشرائية، فأسواق الأسهم مصممة لامتصاص هذا النوع من الفوائض وفي الوقت نفسه تولد مستثمرين جدد وتساعد الشركات المدرجة على النمو والمشاركة في تمتين "برنامج تطوير القطاع المالي" وتقلص من التحديات المشتركة بين القطاعات، ثم إنها حوكمة اقتصادية ما بين القطاعين العقاري والمصارف.