تدويل أسواقنا المحلية

المنافسة بين الدول شرسة في السياسة والقوة التكنولوجية والعسكرية والقوة المالية من خلال النفاذ إلى التمويل وأسواق المال الدولية. التمويل يلعب دورا حيويا في التنمية الاقتصادية المحلية والدولية بما في ذلك الارتباط بسلسلة القيمة العالمية.
يهدف التمويل بشكل أساس إلى خدمة الاقتصاد وتعزيز الابتكار التكنولوجي، كما أنه في الوقت الحالي يعد ركيزة أساسية في النظام الاقتصادي العالمي، ثم إن الانفتاح على الصناعة المالية خارجيا من الشركات المحلية، يعمق من الإصلاحات الاقتصادية الرسمية ومؤشر لقياس الاقتصاد الحقيقي، وعلى الرغم من أهمية التمويل في جذب رأس المال، إلا أنه يرفع من قوة هياكل الشركات وقدراتها التنافسية، كما أنه عنصر حاسم في حوكمة الشركات وصلابة ملكية الأصول بشكل مطلق اقتصاديا، فارتباط الشركات بالديون يزيد من موثوقية الأصول وسلامتها أمام المنظم الرسمي، لذا لن يسمح صناع السياسات الاقتصادية بتعرضها لأي مخاطر في المستقبل، لأن التمويل يفحص كفاءة الأصول كما أنه أسلوب غير مباشر لزيادة التزام الدول بحماية الشركات من أي آثار طارئة، أي أنه يؤدي إلى الاستقرار التنظيمي والقانوني بطريقة ديناميكية، وهذا ما يجذب مزيدا من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
الانفتاح على العالم الخارجي من الشركات المحلية وتمويل أعمالها يتطلب حل جميع المشكلات الهيكلية في الاقتصاد، ورؤية المملكة 2030 نجحت في إطلاق برنامج لتطوير القطاع المالي، وكل المؤشرات تشير إلى نجاح البرنامج من حيث إدارة مخاطر النظام المالي ومواجهة التقلبات الدورية وتطوير البنية التحتية المالية والابتكار، والانفتاح على منتجات مالية جديدة عززت مزيدا من الاستثمارات الداخلية من القطاع الخاص.
الحكومة نجحت في الانفتاح على أسواق الدين الدولية بشكل مبهر، كما أن بعض الشركات المساهمة حققت نجاحات مميزة في تمويل بعض مشاريعها الكبرى من أسواق الدين الخارجية، وفي السياق نفسه يجب أن ندرك جيدا أننا وبعد كل نجاح مرحلي، نحتاج إلى موجة تطويرية أخرى، فالأسواق المحلية لا تزال بحاجة إلى دعم وتوجيه للارتباط بأسواق الدين الخارجية بشكل مباشر أو من خلال شركات ريادية مختصة أو شركات تابعة للبنوك والمؤسسات المالية، لترتيب الديون مع الممولين الدوليين لشركاتنا المحلية بما في ذلك الشركات المساهمة، فشركاتنا المحلية لا تزال معتمدة على التمويل الوطني المنظم من المؤسسات المالية السعودية، أي أننا بحاجة إلى تعميق الانفتاح المالي الخارجي الذي بدوره سيزيد من تنافسية شركاتنا وتنوع اقتصادنا، بمعنى آخر، مرحلة الانفتاح المالي الخارجي التي أتحدث عنها هنا قد حان وقتها، ولاسيما بعد نجاحاتنا في الإصلاح الاقتصادي الشامل.
أخيرا، إذا ما أردنا أسلوبا ديناميكيا لتعزيز قدرات اقتصادنا وتطوير وتعميق أسواقنا الداخلية على أساس تنافسي يرتبط بسلسلة القيمة العالمية Global value chain، فإننا بحاجة إلى تدويل أسواقنا المحلية، وذلك بربطها بأسواق الدين الدولية دون أن نتخلى عن معاييرنا المعروفة والصارمة في إدارة المخاطر المالية الكلية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي