ظاهرة الخمول

من الظواهر التي بدأت تنتشر بشكل واضح في كثير من المجتمعات ظاهرة الخمول والكسل، وهي الظاهرة التي لم تكن معروفة إطلاقا لدى الأجيال السابقة. أسباب هذه الظاهرة كثيرة ومتنوعة يأتي في مقدمتها انتشار وسائل التقنية الحديثة، فبضغطة زر واحدة ينجز كثير من الأعمال ويصل إليه ما يرغب فيه من الغذاء والمستلزمات الأخرى دون عناء أو تعب. الإجراءات المالية والتعليمية هي الأخرى يمكن إتمامها دون الحاجة إلى الحركة. خطورة الخمول تكمن أساسا في المضاعفات المرضية التي تنتج عنه، ففي دراسة علمية أجريت في هونج كونج، توصل الباحثون إلى أن الكسل أخطر من التدخين في ضوء عدد الوفيات الناتجة عنه. وفي الولايات المتحدة، شكل الخمول البدني ما نسبته 10.8 في المائة من الوفيات، وترتفع النسبة في بريطانيا لتصل إلى 17 في المائة. في دراسة علمية أجريت في جامعة سيدني في أستراليا، وجد الباحثون أن الخمول البدني يكلف اقتصادات العالم 67.5 مليار دولار سنويا من خسائر الرعاية الصحية والإنتاجية. وقد حذر الشارع من هذه الظاهرة، ففي الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول، "اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من القسوة والغفلة.. الحديث".. والعجز هو عدم القدرة على فعل الشيء والكسل هو التثاقل عن الفعل مع القدرة عليه. وقد وصف ابن القيم في كتابه "زاد المعاد" هذين الخلقين بأنهما مفتاح كل شر. الكسل والخمول شأنهما في ذلك شأن التدخين والتغذية السيئة يقودان إلى الإصابة بكثير من الأمراض مثل: السكري والسمنة وأمراض القلب والشرايين والضغط وبعض أنواع السرطان. منظمة الصحة العالمية تؤكد في إصداراتها دائما أهمية الحركة والنشاط البدني، مشيرة إلى أنه يجب ألا يقل النشاط عن 30 دقيقة للبالغين و60 دقيقة لمن هم أصغر من ذلك وعلى مدى خمسة أيام في الأسبوع. الخمول قد يحدث لأسباب مرتبطة بالغذاء أو بالصحة العامة أو بنقص بعض العناصر المهمة، ومعرفة السبب تسهل العلاج بشكل كبير. ينصح المختصون لتجنب الخمول بالإكثار من شرب الماء والعصائر الطبيعية وتجنب الأكل غير الصحي وعدم الجلوس في وضعية واحدة لمدة طويلة، والحرص على الخروج للهواء الطلق والتعرض للشمس.. رؤية المملكة 2030 حفلت بعديد من المؤشرات المهمة لمحاربة الخمول بحيث ترتفع نسبة ممارسي الرياضة مرة على الأقل أسبوعيا من 13 إلى 40 في المائة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي