الألوان المستحيلة
هل تستطيع تخيل حياتك بلا ألوان أو بالأبيض والأسود فقط، فترى مياه البحر باللون الشفاف والأشجار سوداء والتربة بيضاء وتفقد الزهور ألوانها وتتوحد ألوان الملابس والجدران والأثاث؟. أجزم أنه يصعب عليك مجرد تخيل ذلك!
الألوان التي هي إحدى المسلمات في هذا الكون هي نعمة من نعم الله علينا وأحد مظاهر الإعجاز والتعبير الفني والجمالي في القرآن التي نغفل عن التفكر فيها، فهي تقدم للإنسان دلالات نفسية، ما يثير فيه مشاعر وأحاسيس تبعث على التفكير والتدبر قال تعالى، "ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود".
وحرص الإنسان منذ البدء على استخدام الألوان في حياته في ملبسه ومسكنه وسعى إلى استخلاصها من الطبيعة من حوله، على الرغم من الاعتقاد الراسخ أن الألوان كلها مصنعة ومعدة كيميائيا.
لذا، أفردت جامعة هارفرد مكتبة خاصة للصبغات تحتفظ فيها بمصادر الألوان النادرة التي بلغت أكثر من 2500 عينة. بعض هذه المصادر عبارة عن أغلفة من مومياوات مصرية ومعادن سامة وأصداف حشرات منقرضة ودم تنين، جمعها إدوارد فوربس المؤرخ ومدير متحف فوج آرت، الذي سافر حول العالم لأكثر من 30 عاما يجمع فيها أصباغ الألوان، لذا يعرف فوربس بأبي الحفاظ على الفن، واليوم تستخدم مجموعته الأسطورية في التحليل العلمي للألوان ومقارنتها بالألوان المجهولة. يقول نارايان خانديكار، المسؤول الآن عن المتحف والمجموعة، إنهم يستخدمون أدوات على الأصباغ تماما كما يفعل علماء الطب الشرعي.
انظر مثلا إلى الماء الذي نعتقد أنه معدوم اللون، بينما أظهر العلم أن الماء النقي ليس معدوم اللون، وأن له لونا أزرق فاتحا يتحول إلى اللون الأخضر الغامق مع زيادة عمق الماء. يعد اللون الأزرق خاصية متأصلة في الماء، وتحدث هذه الظاهرة عن طريق الامتصاص الانتقائي للضوء الأبيض وتشتته وضعف الامتصاص لبعض الألوان يمنح اللون الفيروزي الفاتح للماء.
يمكن للعين البشرية أن ترى عددا محدودا من الألوان، وتسمى الألوان، التي يصعب علينا رؤيتها، "ألوانا مستحيلة" أو الألوان الممنوعة. مثلا تركيبات لونين مثل الأزرق والأصفر أو الأحمر والأخضر التي لا يمكننا رؤيتها في الوقت نفسه، هي ألوان مستحيلة. هي غير مرئية بسبب عملية إلغاء بعض الألوان لترددات بعضها بعضا تلقائيا في العين، فهي موجودة فعليا في الطبيعة، ولكننا لا نستطيع رؤيتها.