تحقيقات الموارد البشرية
هل لدى وزارة الموارد البشرية وحدة تحريات مختصة راكمت الخبرات النوعية حول أساليب التحايل على توطين الوظائف، أم أن المسألة تركت لاستقبال شكاوى فردية لا غير؟ سؤال لا أملك الإجابة "الشافية" عنه.
الملاحظ أن الوزارة في وسائل التواصل، خاصة تويتر، تهتم بالأكثر انتشارا وتداولا لتطلب تواصل صاحب القضية، ثم تغيب القضية وتطوراتها، لكن في العموم لا يمكن قبول استمرار أساليب احتكار التوظيف التي تظهر على شكل إعلانات تخبر عن فرص وظيفية في مشاريع أو شركات وتشترط غير المواطنين السعوديين، وربما تحدد جنسيات بعينها في تحد صارخ. في الواقع لا أعرف صحة وحقيقة مثل هذه الإعلانات، لكنها حتى لو لم تكن صحيحة، فإن لها تأثيرا سلبيا بالغ الضرر في الرأي العام المحلي، والتشويش على جهود الوزارة لتوطين الوظائف التي تعمل عليها من خلال مبادرات متعددة، أما إذا كانت إعلانات حقيقية، فهذا دليل على خلل كبير لم يتم إصلاحه.
من زمن بعيد وقبل الحضور الطاغي للرقمية كنا في الصحافة الورقية نتعامل أحيانا مع مثل هذه الإعلانات زمن ما قبل تفاقم البطالة وشح الوظائف. الآن مع الثورة الرقمية اختلف الأمر من ناحية القدرة على الرقابة والمتابعة، وهو ما لا نرى له أثرا حاضرا يليق ويتناسب مع ضرر مثل هذه الإعلانات. أعود إلى السؤال المطروح في بداية المقال، هل هناك إدارة في الوزارة تهتم بالتحريات الدقيقة وتبحث عن شبكات توظيف أو "مجاميع" احتكار توظيف أجانب على حساب أبناء وبنات الوطن؟ والإجابة أن هذا هو المفترض، حيث راكمت وزارة الموارد منذ أن كان اسمها وزارة العمل تجارب ثرية من أيام ممانعات القطاع الخاص الشهيرة في بدايات العمل على التوطين، والأمل ألا تكون تلك "الخبرات" قد ذهبت بتقاعد موظفين أو إحلال بدلاء عنهم.
يقول البعض، إن توطين وظائف قيادية بعينها، مثل إدارة الموارد البشرية، كفيل بردم الفجوة أو تضييق السبل على المتلاعبين والمستغلين للتوظيف على حساب المواطنين، لكني لا أتفق مع ذلك، نعم هي مطلوبة ومفيدة، لكنها غير كافية. وأذكر أن شركات ومنذ زمن بعيد كانت تحرص على توظف سعوديين في هذه المواقع، لكنهم ليسوا سوى واجهة للإدارة العليا يقومون بوظيفة التنفيذ وتمثيل والدفاع عن وجهة وسياسات هذه الإدارات، بل إن بعضهم كانوا أشد على مواطنيهم من الأجنبي في التعامل، حيث فضلوا مصالحهم الشخصية المرتبطة بالمتنفذ الأجنبي في تلك الإدارات على حقوق مواطنيهم.