Author

العالم العربي والاستفادة من التجارة الإلكترونية «2 من 2»

|

استحوذت حتى الآن، شركات تجارة التجزئة الكبرى العاملة في دول مجلس التعاون الخليجي، وشركاؤها الأجانب، والمجموعات من ذوي الدخل الأعلى، على الفوائد المترتبة على التجارة الإلكترونية الموسعة. وكانت شركات التجزئة الكبرى هذه حريصة على توسيع أسواقها بالاستعانة بمجموعات جديدة منتقاة من المنتجات، سواء بشكل عضوي أو من خلال إقامة شراكات. على سبيل المثال، نجحت شركة Souq وهي منصة رقمية مقرها الإمارات العربية المتحدة التي استحوذت عليها شركة أمازون، وشركة Noon وهي سوق رقمية كانت تعمل بالشراكة مع eBay، في جلب الملايين من السلع الاستهلاكية الجديدة إلى سوق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بالاستعانة بمواقع ومنتجات مـختارة وطرق دفع محلية.
مع ذلك، يأتي القسم الأعظم من السلع المبيعة على هذه المنصات من بائعين في الخارج، وأغلبهم في الصين. وفقا لتصريحات وزارة التجارة الصينية، بلغ مجموع صادرات الصين إلى مـصر في 2020 نحو 13.6 مليار دولار، بزيادة قدرها 11.8في المائة عن العام السابق، في حين توقفت صادرات مـصر إلى الصين عند مستوى 920 مليون دولار، بانخفاض قدره 7.8 في المائة. في هذا الصدد، يبدو التأثير الإجمالي الذي تخلفه الأسواق الرقمية، وخاصة "المجمعات" مثل أمازون وAlibaba، في الدول العربية، سلبيا أكثر من كونه إيجابيا.
لا يخلو الأمر من بعض الاستثناءات. إذ كانت الشركات المحلية العاملة في مجالات، مثل النقل والخدمات العقارية والسياحة والترفيه، قادرة على الاستفادة من المنصات الرقمية. في حالة السياحة على سبيل المثال، استفادت الفنادق وشركات تنظيم الرحلات السياحية من وصول وكالات حجز السفر الدولية عبر الإنترنت ومحركات البحث مثل Wego (سنغافورة) و Cleartrip (الهند)، جنبا إلى جنب مع شركات محلية المنشأ مثل Almosafer (المملكة العربية السعودية) وRehlat (الكويت).على نحو مماثل، أعطت المنصات الرقمية دفعة قوية لشركات الترفيه. على سبيل المثال، أصبحت Anghami، وهي منصة بث موسيقي أُسست في 2012 في لبنان، بين الشركات المدرجة في البورصة على مؤشر ناسداك وتخدم أكثر من 75 مليون مستهلك. كما استفادت شركة Netflix من المحتوى المحلي وروجت له، بما في ذلك مسلسلات أصلية باللغة العربية. وعمل هذا على توسيع نطاق الصناعة بشكل كبير. لم يكن فيلم المخرج اللبناني لوسيان بورجيلي "جنة بلا بشر" الذي أنـتـج في 2017 معروفا إلا بالكاد قبل أن يصبح متاحا على Netflix وينطلق إلى الشهرة.
بيد أن هذه استثناءات تثبت القاعدة. فعلى الرغم من تحول قاعدة المستهلكين العرب رقميا بسرعة، فإن معظم القاعدة الإنتاجية غير قادرة على مواكبة هذا التحول. ونتيجة لهذا، تخسر أعداد متزايدة من الشركات في المنطقة مستهلكيها لمصلحة موردي ومقدمي خدمات أجانب. هذا الاتجاه من غير الممكن أن يدوم طويلا، لأن الشركات المحلية التي توظف المستهلكين العرب ستجد نفسها في النهاية مضطرة إلى التوقف عن العمل.
يتلخص جزء من الحل في معالجة قيود البنية الأساسية التي تواجه الشركات الصغيرة في المنطقة. تتراوح هذه القيود بين الحصول على إمدادات الكهرباء التي يمكن التعويل عليها والوصول إلى أنظمة الدفع الإلكترونية وخدمات الإنترنت العالية السرعة بتكلفة ميسورة. لكن لا ينبغي للحكومات أن تتوقف عند هذا الحد. بل يتعين عليها أن تعمل من كثب مع قوى السوق المحلية والدولية الفاعلة لضمان أن التجارة الرقمية الجديدة مع العالم تسير في كلا الاتجاهين.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2022.

إنشرها