حسم المعركة
مهلة تصحيح أوضاع المنشآت المخالفة انتهت، ويبدو لي أن المواطنين والمقيمين المصرين على جريمة التستر التجاري، أو المعتقدين أن وضعهم الصوري لن ينكشف سيندمون أشد الندم.
أصبحت أضرار الاقتصاد الخفي معروفة وتناولها الخبراء والمحليون الذين أبانوا حجمها وتأثيرها، ويبدو لي من متابعتي المتواضعة لهذا الملف منذ أعوام طويلة أنها المرة الأولى التي تقدم فيها الحكومة حلولا وخيارات كثيرة تحفظ الحقوق وتساعد على إغلاق ملف شائك جدا وطال أمد بقائه معلقا.
كلنا يعرف أن نسبة من الأجانب المستقدمين دون مهارات أو خبرات يعملون لحسابهم الخاص وليس بالضرورة في المحال بأنواعها، أو الشركات بجميع أحجامها، لكن أيضا في المهن الحرة وهي المنطقة الذهبية لجهة الدخل المادي، وجهة إيجاد فرص العمل للغير.
لا يمكننا الادعاء أن الأجنبي هو السبب، لأن المتسترين مواطنون مخالفون للنظام، ويلتفون حول الأنظمة، ويهبون أسماءهم، -فقط أسماؤهم- مقابل مكاسب ضئيلة لهم، وخسائر فادحة للاقتصاد الوطني، وأحيانا لأبناء جلدتهم.
كثير من مسائل غسل الأموال، والتهرب الزكوي أو الضريبي، وتحويل الأموال غير النظامي ارتبطت بشكل أو بآخر بالتستر، وارتبطت به أيضا إضاعة فرص المنافسة العادلة حيث تكونت عبر الزمن تكتلات في أنشطة تجارية أو صناعية صغيرة معينة تحارب السعوديين العاملين بالنظام وتحت مظلة القانون.
في الخيارات التي أتيحت للتصحيح، واستفاد منها العقلاء من السعوديين والأجانب، حفظ لحقوق الأجنبي نفسه قبل حقوق المواطن، وفيه إنصاف لمن لم يستطع لسبب أو لآخر أن يخرج من عباءة المتستر، خاصة بعد أن توسعت الأعمال وكبرت.
هناك أيضا جانب صغير لكنه مهم للتجار النظاميين وهو أن الأيام المقبلة ستشهد إغلاقات وعقوبات لمن لم يصحح وضعه، وستظهر فرص جديدة للنظاميين الباحثين عن الرزق الحلال، فرص تتوزع بين الحصول على مواقع قائمة، أو تقليل المنافسة غير العادلة في نطاق منطقة العمل، وربما أيضا شراء بضائع المحال التي تقفل بالأسعار القديمة التي ستكون مميزة قياسا بالارتفاعات الأخيرة في أسعار الجملة والتجزئة، التي طالت أغلبية القطاعات والدول نتيجة أزمة أو أزمات سلاسل الإنتاج والإمداد.
اليوم لم يعد أحد في حاجة إلى مظلة، فالأجنبي يمكنه الاستثمار ودفع رسومه أو ضرائبه عبر عدة خيارات، وعلى المتسترين العتاة اليوم أن يواجهوا معركة مع الجهات المختصة يؤازرهم دعم شعبي منقطع النظير لأن مستويات الوعي ارتفعت، وحاجات أبنائنا وبناتنا للفرص باتت ملحة، وسيخسرون هذه المعركة عاجلا أم آجلا لأن التقنيات الحديثة والحوكمة والرقابة تطورت كثيرا وسيسهل اكتشافهم.