أخبار اقتصادية- عالمية

هل تواجه البشرية مخاطر انقلاب التكنولوجيات الحديثة عليها؟

هل تواجه البشرية مخاطر انقلاب التكنولوجيات الحديثة عليها؟

البعض قد يسيء استغلال هذا التقدم وتحويل التكنولوجيا الجديدة إلى سلاح  مدمر.

مع كل إنجاز تحققه البشرية في مجال التكنولوجيا، يظهر الجانب المظلم لهذا التقدم من خلال إساءة استغلاله وتحويل التكنولوجيا الجديدة من أداة لتحقيق الرخاء والسعادة للبشر إلى سلاح ضدهم.
يرى تايلور كوين الأستاذ في جامعة جورج ميسون الأمريكية والمحلل الاقتصادي، أنه إذا كان كثيرون يرون أن السؤال الأهم على جدول أعمال البشرية الآن هو كيفية مواجهة ظاهرة التغير المناخي، فالواقع يقول إن السؤال الأهم الآن وفي كل وقت هو، "كيف نعمل دون تحول التكنولوجيات الحديثة إلى أسلحة ضدنا؟".
وفي تحليل نشرته وكالة "بلومبيرج" للأنباء، يقول كوين إن الهجمات السيبرانية، والاستخدام العدائي للذكاء الاصطناعي، والهجمات الفضائية، والأسلحة البيولوجية وغيرها، تؤكد حقيقة أن التكنولوجيات الجديدة يمكن أن تتحول إلى أسلحة ضد البشر.
وبشكل عام، فإن تاريخ العالم يقول إن التكنولوجيات الجديدة، بما في ذلك أكثرها فائدة، تتحول فيما بعد إما إلى أسلحة مباشرة أو آلة من آلات الحرب. هذا الأمر يبدأ من قطارات السكك الحديدية حتى الطاقة النووية.
وهذا المبدأ ينبطق أيضا على التكنولوجيات الحديثة التي يتم تطويرها الآن.
وأصبحت الهجمات التي تستهدف شبكات المعلومات والاتصالات قوة مهمة في كثير من مناطق العالم. وقد أثبتت هذه الوسائل فاعليتها، ولذلك من السهل القول إنه يمكن أن تنتشر في مزيد من مناطق العالم. وينظر كثير من الأمريكيين إلى الهجمات السيبرانية، بوصفها أمورا مزعجة تجاريا وبيروقراطيا، على الرغم من أنه يمكن أن تؤدي إلى شلل لأجزاء مهمة من الاقتصاد وتحييد بعض القدرات العسكرية.
ورغم أن استخدام الذكاء الاصطناعي والهجمات الفضائية والأسلحة البيولوجية بصورة عدائية ما زالت أمرا بعيدا، فإنه يمكن أن تصبح بعض هذه التكنولوجيات الجديدة عناصر استراتيجية رئيسة خلال العقود القليلة المقبلة.
هذه المشكلات ليس لها حلول واضحة، كما أنها لا تمنح أي طرف ميزة سياسية. فالولايات المتحدة لم تحقق أي تقدم على صعيد الاستعداد لأي جائحة جديدة، بعد أن سجلت أكثر من 2500 حالة وفاة يومية أثناء جائحة فيروس كورونا المستجد.
وترى وجهة النظر المتشددة في السياسة الخارجية أن الحل هو زيادة الإنفاق الدفاعي لمواجهة مثل هذه التهديدات. وسواء وافق المرء على هذه النظرة أم لا، فإن هذه الأيديولوجيات الحالية ليست بالضرورة حلا مناسبا لكل الحالات.
يقول تايلور كوين، إن دورة عقد المشتريات العسكرية تستمر لنحو عشرة أعوام أو أكثر، في حين أن هذه التكنولوجيات الجديدة تتطور كل عام. علاوة على ذلك، فإن الجيش الأمريكي يواجه صعوبة متزايدة في استقطاب المواهب التكنولوجية، نظرا إلى ارتفاع الأجور في قطاع التكنولوجيا.
وفي أوروبا، خاصة ألمانيا، يفترض أغلب المؤدلجين أن هذه المخاطر لن تصل إلى بلادهم. ولكن طبول الحرب المحتملة بين روسيا وأوكرانيا يمكن أن تمثل صافرة إنذار لتلك الدول.
في المقابل، فإن الصين لديها أيديولوجيا للتعامل مع هذه القضايا، وهي أيديولوجيا المراقبة. ومع ذلك، علينا الانتظار لنرى ما إذا كانت هذه الأدوات التي تطورها الصين للرقابة على شعبها وعلى الدول الأخرى ستجعل بكين أكثر استقرارا أو تؤدي إلى صراعات داخلية على السلطة. وفي كل الأحوال، على العالم التصدي لمثل هذه الأيديولوجيات المستبدة وليس تبنيها.
في المقابل، تعد الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي تمتلك مستويات وسائل الرقابة والتجسس نفسها، وإن كانت تمارس الرقابة على الدول الأخرى أكثر مما تمارسها على الشعب الأمريكي.
ولا تعد أعمال الرقابة والتجسس بالنسبة إلى الولايات المتحدة أيديولوجيا، بقدر ما تعد شكلا من أشكال الممارسة السرية التي تتظاهر بالتميز عن الأيديولوجيات الأمريكية الأخرى. وهناك أيديولوجيات تتعامل مع أجزاء من مشكلة تحول التكنولوجيات الجديدة إلى أسلحة مدمرة. وهناك دوائر محبة للخير فاعلة، خاصة تلك التي تركز على مخاطر الذكاء الاصطناعي العام، وتخشى من أن تطور وحدات الذكاء الاصطناعي فائقة الذكاء قدرات ذاتية خاصة بها تتيح لها التمرد على البشر أو حتى القيام بأنشطة شريرة ضدهم.
كما أن بعض هذه الدوائر تدعو إلى وقف تطوير هذه التكنولوجيات الجديدة كليا. ويمكن للمرء أن يتحدث عن مزايا مثل هذا القرار، لكن المشكلة هي أن روسيا والصين وغيرها من الدول المنافسة للولايات المتحدة ليست لديها خطط لوقف تطوير تكنولوجيات جديدة. كما أن الولايات المتحدة ليس لديها أي خيار حقيقي سوى مواصلة التطوير لكي تحافظ على تفوقها.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية