تحولات نوعية ونتائج كبيرة
لفهم تأثير التقنية في النمو يتطلب أن ندرك كيف أن محركات النمو الاقتصادي في الدول النامية تختلف عما هي عليه في الدول الناشئة والمتقدمة، فالاقتصادات المتقدمة تعتمد على المنتجات والصناعات المتقدمة بمختلف درجاتها وقطاعاتها، أما في الدول الناشئة فتعتمد على التنوع في الصناعة والتجارة، وبالتالي تزيد حركة ميزان مدفوعاتها عبر تدفق السلع والخدمات للخارج ودخول نقد أجنبي في مقابلها، أما الدول النامية فإن محرك النمو الأساسي لها يختلف من بلد إلى آخر، لكن تعتمد على مشاريع متفرقة وأساسية في البنية التحتية ممولة من الداخل أو الخارج مع نقص شديد في التنوع الاقتصادي.
وبالنظر إلى الاقتصاد السعودي، فإنه يجمع بين خصائص الاقتصادات المتقدمة والناشئة من حيث قوة الناتج المحلي الإجمالي ووفرة النقد الداخلي وقوة تدفق النقد الأجنبي إلى الداخل عبر ميزان المدفوعات، وكذلك يمتلك حكومة رقمية تتطور بسرعة وبنية تحتية صاعدة ونظاما ماليا قويا ونقدا أجنبيا عاليا متولدا من بيع النفط وعوائد الاستثمارات المالية، إضافة إلى نشوء قطاعات جديدة في مجال الخدمات اللوجيستية على أسس استثمارية واعدة، وتجدر الإشارة إلى أن أسواقنا الداخلية لها قدرات شرائية مرتفعة.
وفي ظل ما سبق لا نزال مستمرين في زيادة نسبة مشاركة المنشآت الصغيرة والمتوسطة إلى 35 في المائة بحول 2030 من الناتج المحلي، ورفع نسبة إقراضها إلى 11 في المائة من إجمالي قروض البنوك بحول 2025، كما أن تركيزنا أصبح أعلى من أي وقت مضى في تمويل المشاريع الريادية والتقنية والصناعات المتقدمة ذات القيمة الاقتصادية العالية وتنفيذ شراكات بين شركات وطنية وأجنبية في الصناعات الاستراتيجية المتقدمة.
استضافة المملكة لمؤتمر "ليب" LEAP التقني الدولي وبمشاركة 700 شركة ناشئة، يعكس جدية المملكة في التحول نحو التقنية وإيجاد قيمة مضافة عالية للمنشآت والأعمال الصغيرة والمتوسطة والريادية، من أجل بناء اقتصاد بقيمة مضافة نوعية وعالية، كما أن لدينا مسارات أخرى تعزز تقدمنا نحو جعل التقنية جزءا مؤثرا في النمو الاقتصادي عبر تطوير الاتصالات وسرعات الإنترنت ودعم استثمارات التقنية المتقدمة.
أخيرا: على هامش المؤتمر عقدت صفقات ترتبط بشركات سعودية ريادية في التقنية وأي زيادة في عدد شركاتنا الصغيرة والمتوسطة من هذا النوع في مجال ريادة الأعمال، ولا سيما التقنية سيكون لها تأثير تراكمي في النمو الاقتصادي، بهذا الأسلوب نحن على خطى النماذج الاقتصادية التي تحقق النمو الاقتصادي من خلال التقنية وصناعاتها المختلفة، وما تحملنا لمخاطر تمويل ريادة الأعمال والتوسع في برامج تطوير القطاع المالي وإنشاء صناديق تمويل عالية المخاطرة إلا استعداد لهذه التحولات النوعية وتحقيق نتائج كبيرة حتى تصب في نمونا الاقتصادي وجعل التقنية من أهم محركات النمو والتوظيف عالية الجودة، وهذا ما يناسب تماما قدرات اقتصادنا المالية ومخرجات جامعاتنا البشرية.