يوم التأسيس .. قراءة جديدة للتاريخ

لم يكن صدور الأمر الملكي بأن يكون يوم 22 شباط (فبراير) من كل عام يوما لذكرى التأسيس مفاجئا .. فالملك سلمان بن عبدالعزيز قارئ متعمق لتاريخ هذه البلاد ومرجعا أساسا في فهمه والاعتزاز به وأخذ العبر من مسيرته الضاربة في عمق التاريخ التي أسسها الأجداد وتولى القادة وهو أحدهم حفظ ثوابتها وما قامت عليه وتعزيز الوحدة فيها وتوفير سبل العيش الكريم لأهلها .. ومن هنا جاء اهتمام رؤية 2030 بتاريخ الدولة السعودية وتقديمه بأسلوب حديث للأجيال الجديدة ويتابع هذا الأمر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يؤكد أن الرؤية ليست للجانب الاقتصادي فقط كما يظن البعض بل مشروع تنموي متوازن لتقديم دولة حديثة تقوم على أصول ومبادئ راسخة.
وكما ورد في الأمر الملكي فإنه ابتداء من هذا العام ستحتفل المملكة العربية السعودية بمناسبة يوم التأسيس .. وهو اليوم الذي أسس فيه الإمام محمد بن سعود الدولة السعودية الأولى عام 1139هـ الموافق 1727م أي قبل ثلاثة قرون وفي ذكرى يوم التأسيس سيترسخ في أذهان الجميع في الداخل والخارج عمق هذه الدولة وامتداداتها التاريخية العريقة، وسيترسخ مقدار التئام مواطنيها عبر العصور مع هذه الدولة المباركة لأكثر من 300 عام، وستبقى بحرص قادتها ومحبة وقناعة مواطنيها بأن استمرار كيان هذه الدولة هو خيارهم وسر استقرارهم وازدهارهم، ويعكس استمرار الدولة وازدهارها في أطوارها الأول ثم الثاني وصولا إلى قيام الدولة السعودية الثالثة الحديثة وضوح المبادئ الراسخة التي أسست عليها.
وهكذا فإن بلادنا بتاريخها الوطني العظيم ليست دولة طارئة على التاريخ أو الجغرافيا فهي الكيان الذي تشكلت من خلاله وحدة أبناء الجزيرة العربية بعد أن عانت لعقود ويلات الفرقة والشقاق والنزاعات.
وبإعلان ذكرى يوم التأسيس تجسد المملكة العربية السعودية قيمة رفيعة من الاهتمام بتاريخها الذي يعد امتدادا أصيلا لحاضرها ومستقبلها .. وكما ذكرت فإن استحضار يوم تأسيس الدولة السعودية يعد امتدادا أصيلا لحرص واهتمام خادم الحرمين الشريفين وولي العهد بالحفاظ على التاريخ السعودي أولا .. وتاريخ الجزيرة العربية ثانيا وما يوليانه من عناية بالمصادر التاريخية الموثوقة.
وأخيرا: كنا في الماضي نسمع تاريخ التأسيس من آبائنا وأجدادنا ومن مؤرخينا وهم قلة ربما يعدون على أصابع اليد الواحدة .. ولكنهم محل ثقة لدى الجميع .. لكننا اليوم وبعد هذه الخطوة المهمة نتوقع أن نجد وسائل متجددة لعرض تاريخنا المشرق بكل جوانبه لأجيالنا وللعالم، وأن نقدم قراءات متعمقة لتاريخنا الوطني بأسلوب العصر الحديث وعبر وسائل التواصل الحديثة، وأهمها قنوات الإعلام الموثوقة والمواقع الإلكترونية الرصينة والمرجعية التي نتوقع منها التجاوب مع هذه الخطوة المهمة بإنتاج مسلسلات وأفلام وثائقية وصفحات موسوعية تفاعلية، على أن تتولى دارة الملك عبدالعزيز المعروفة بدقة ما تصدره الإشراف على أي نتاج فكري ومعلوماتي يخص تاريخ بلادنا سواء كان مرئيا عبر القنوات التلفزيونية وشركات الإنتاج السينمائي أو منشورا عبر دور النشر المعروفة .. ويبقى بعد ذلك دور وزارة التعليم بالنسبة إلى الأجيال المتعطشة إلى معايشة هذا التاريخ بأسلوب شائق وحديث.
ولا يمكن إهمال دور وزارة الإعلام ووزارة الثقافة فهما نافذتان لنشر المعرفة في مجتمعنا وللعالم بكل الوسائل الاتصالية واستقطاب المؤرخين والمتخصصين في علوم الأنثروبولوجيا والعلوم الأخرى من داخل المملكة وخارجها لتقديم عرض متكامل لتاريخنا واستنباط العبر منه وتقديمه للعالم نموذجا للدولة العريقة التي تتجدد وتسابق للمستقبل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي