إصابات متزايدة وتعاف معطل وتضخم مرتفع «3 من 3»

تقف السياسة النقدية عند منعطف حرج في معظم الدول. فحيث يوجد التضخم على نطاق واسع إلى جانب التعافي القوي، مثلما هو الحال في الولايات المتحدة، أو توجد مخاطر تهدد بأن يصبح التضخم المرتفع راسخا، مثلما هو الحال في بعض اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية والاقتصادات المتقدمة، ينبغي التراجع عن الدعم الاستثنائي الذي تقدمه السياسة النقدية. وبدأت عدة بنوك مركزية بالفعل رفع أسعار الفائدة تحسبا لضغوط الأسعار. ومن المهم مراعاة الإفصاح الواضح بشأن تحول السياسة نحو موقف متشدد لضمان رد الفعل المنظم في الأسواق. أما الدول التي تظل فيها الضغوط التضخمية الأساسية مكبوحة، ويظل التعافي غير مكتمل، فيمكن أن تحتفظ السياسة النقدية بموقفها التيسيري.
ومع تشديد السياسة النقدية على نطاق أوسع هذا العام، ستحتاج الاقتصادات إلى التكيف مع بيئة عالمية تتسم بارتفاع أسعار الفائدة.
ففي اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية التي تتحمل قروضا كبيرة بالعملات الأجنبية ولديها احتياجات للتمويل الخارجي، ينبغي التأهب للاضطرابات الممكنة في الأسواق المالية عن طريق تمديد آجال استحقاق الديون، قدر الإمكان، واحتواء عدم الاتساق بين العملات. ويمكن أن تساعد مرونة أسعار الصرف على التكيف الاقتصادي الكلي المطلوب.
وفي بعض الحالات، قد يتطلب الأمر التدخل في سوق الصرف الأجنبي، واتخاذ تدابير مؤقتة لإدارة تدفقات رأس المال بغية إفساح المجال للسياسة النقدية كي تركز على الأوضاع المحلية.
ومع ارتفاع أسعار الفائدة، ستتزايد صعوبة خدمة الديون على الدول منخفضة الدخل، التي أصبح 60 في المائة منها إما في حالة مديونية حرجة بالفعل أو معرضا لمخاطر عالية تهدد ببلوغها. وينبغي تعديل الإطار المشترك الذي وضعته "مجموعة العشرين" حتى يكتسب سرعة أكبر في تحقيق أهدافه المتعلقة بإعادة هيكلة الديون، كما ينبغي أن يعلق الدائنون من "مجموعة العشرين" ومن القطاع الخاص مدفوعات خدمة الدين ريثما يتم التفاوض على عمليات إعادة الهيكلة.
وفي بداية العام الثالث من الجائحة، ارتفع عدد الوفيات العالمية إلى 5.5 مليون وفاة، ومن المتوقع أن تبلغ الخسائر الاقتصادية المصاحبة نحو 13.8 تريليون دولار حتى نهاية 2024 مقارنة بتنبؤات ما قبل الجائحة. وكان من الممكن أن تكون هذه الأرقام أسوأ بكثير لولا الجهود الاستثنائية التي قام بها العلماء والمجتمع الطبي، والاستجابات السريعة والقوية من خلال السياسات في مختلف أنحاء العالم.
غير أن هناك الكثير مما ينبغي القيام به لضمان احتواء هذه الخسائر وتقليص التفاوتات الواسعة بين الدول فيما يتعلق بآفاق التعافي. وثمة حاجة إلى مبادرات على صعيد السياسات للتغلب على أثر خسائر التعلم الكبيرة التي لحقت بالأطفال، وخاصة في الدول النامية.
ففي المتوسط، تعرض الطلاب في الدول متوسطة الدخل ومنخفضة الدخل لإغلاق المدارس على المستوى القومي لمدة أطول مما شهده الطلاب في الدول مرتفعة الدخل بواقع 93 يوما.
ويعيد العامان الماضيان تأكيد الطابع المتفرد لهذه الأزمة والتعافي الجاري منها. ويجب على صناع السياسات توخي اليقظة في متابعة شريحة من البيانات الاقتصادية المستجدة، وإعداد العدة للطوارئ، والتأهب للإفصاح عن التغييرات المزمعة في السياسات وتنفيذها خلال فترة وجيزة. وبالتوازي مع ذلك، ينبغي أن يكفل التعاون الدولي الجريء والفعال أن يكون هذا العام هو العام الذي يفلت فيه العالم من قبضة الجائحة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي