Author

البيانات الضخمة والفجر الجديد للبحوث

|

بدءا تتمثل البيانات الضخمة في مجموعة من البيانات الضخمة في الحجم، القابلة للنمو مع مرور الوقت، وهي عبارة عن مصادر بيانات سريعة التغير وكبيرة الحجم واتساع المعلومات، تأتي من مصادر أخرى غير الدراسات الاستقصائية، مثل معاملات البيع بالتجزئة، والرواتب، وصور الأقمار الصناعية، والأجهزة "الذكية"، وسجلات مكالمات الهاتف المحمول، وعمليات البحث على الإنترنت ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي، وتتضمن البيانات الضخمة أيضا بيانات إدارية من الحكومات، إضافة إلى مزودي الخدمات.
وبذلك هي بيانات ذات حجم وتعقيد كبير جدا بحيث لا يمكن لأي من أدوات إدارة وتحليل البيانات التقليدية التعامل معها أو معالجتها بكفاءة. وتتكون قواعد البيانات الضخمة نتيجة التطور الهائل في استخدام الهواتف المحمولة الذكية وأجهزة الكمبيوتر المتزايدة بشكل لا يمكن تصوره من قبل. ومن خلال هذه البيانات يمكن رصد وفهم سلوك الإنسان وأنشطته، كما يمكن زيادة كفاءة البيانات التقليدية لتوفير رؤى فريدة لم يكن من السهل ملاحظتها من قبل، لخدمة صناع القرار والشركات وأصحاب الأعمال، وبشكل أكثر في مجال الصحة وانتشار الأمراض. ولا يقتصر وجود قواعد البيانات الضخمة على الدول الغنية، بل أصبحت هذه البيانات الضخمة تتراكم في الدول منخفضة الدخل.
ولكن يتطلب الجمع بين البيانات الضخمة من مصادر مختلفة لأغراض البحث والتطوير استخدام تقنيات جديدة. وعلى الرغم من كل إمكاناتها، فإنها لا يمكن أن تحل البيانات الضخمة محل مصادر البيانات التقليدية مثل التعدادات والمسوحات لأن الأخيرة أقرب إلى أرض الواقع مع إمكانية التحقق من الدقة وكذلك النتائج.
والمتخصصون في الديموغرافيا كغيرهم في مجالات الصحة والتخطيط يدركون أهمية البيانات الضخمة ويمكنهم الاستفادة منها بطرق جديدة ومبتكرة، ولكن ذلك لا يخلو من بعض المخاطر التي ينبغي أن تؤخذ في الحسبان، لأن البيانات الضخمة لا تمثل المجتمع تمثيلا دقيقا، فقط الأشخاص الذين يتعاملون مع الحياة رقميا، إلى جانب المحاذير الأخلاقية وإمكانية انتهاك خصوصية الناس، خاصة أن قوانين وأنظمة حماية الحقوق الشخصية لم تستطع مواكبة التطور التقني الهائل والسريع.
لا شك أن البيانات الضخمة فضاء جديد يكمل البيانات التقليدية ولكن يتطلب أدوات وأساليب جديدة للمعالجة والتحليل، خاصة مع ارتفاع تكاليف جمع بيانات التعدادات والمسوح الديموغرافية، ويمكن الاستفادة منها في ترشيد القرارات وإدارة الخدمات الصحية وتتبع انتشار الأمراض المعدية والأوبئة والاستجابة لها، أخذا في الحسبان ندرة البيانات الصحية خاصة في أوقات الأزمات الصحية، كذلك يمكن الاستفادة منها لفهم الأزمات المالية، إضافة إلى فائدتها في البحوث العلمية في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والصحية، خاصة أن الجمع بين مصادر البيانات الجديدة والتقليدية يمكن أن يؤدي إلى تحليلات أكثر ثراء من حيث التفاصيل وبالتالي أكثر فائدة من أي مصدر بمفرده.
وأخيرا لتعظيم الاستفادة من البيانات الضخمة لا بد من مراعاة ما يلي: (1) تطوير الأنظمة واللوائح التي تحكم الوصول إلى البيانات الضخمة واستخدامها من أجل حماية الحقوق الشخصية وعدم انتهاك معايير السرية التي قد تسبب ضررا للأفراد، ما يوجب جمع البيانات واستخدامها بمسؤولية أخلاقية. (2) هناك حاجة إلى تطوير الأساليب والمهارات التحليلية. (3) رفع مستوى الوعي لدى المستفيدين وكذلك قدراتهم التقنية للتعامل مع هذه البيانات. (4) ينبغي اعتماد طرق جديدة للتحليل والتفسير حتى تكون النتائج صحيحة ومفيدة. (5) هناك حاجة ملحة إلى بناء قدرات بحثية جديدة وأساليب مبتكرة لتعظيم الاستفادة منها لخدمة البحث العلمي والمجتمعات.

إنشرها