Author

معيار داكار

|
لعقود مضت كانت الرياضة الأكثر تفاعلا من الجماهير كرة القدم ولا تضاهى الساحرة الكروية في استفرادها بالشريحة الأكبر من عشاق الألعاب الرياضية، ومع الثورة الصناعية بدأت منافسات تشطر اهتمام الجماهير من بينها الرياضات الميكانيكية التي تحتوي على محركات تعمل بالميكانيك، وأبرزها سباقات السيارات والدراجات النارية والشاحنات ولها عدة أنواع مثل سباق الفورومولا 1 والقوارب السريعة والطائرات الجوية.
رالي داكار أحد أشهر هذه السباقات في العالم ولم تكن تسميته باسم العاصمة السنغالية من قبيل المصادفة، بل يعود إلى تاريخ استمر عقودا بدأ في 1978، حيث كان ينطلق من باريس حتى مدينة داكار عاصمة السنغال وهو سباق مفتوح للهواة والمحترفين على حد سواء، وعادة ما يشكل الهواة 80 في المائة من المشاركين.
وتتنافس في الرالي ثلاث فئات: فئة الدراجات وفئة السيارات وفئة الشاحنات، وتحصل في الرالي منافسات طاحنة بين مصنعي السيارات ويستغلونه لإظهار متانة سياراتهم وأيضا كحقل اختبار لها لغرض تعديلها للأفضل.
ومنذ مسيرة الرالي وصولا إلى داكار 2021 السعودية الذي أثبت نظر القائمين عليه من حيث الأبعاد التسويقية للمملكة، وفي الواقع كان هناك من يشكك من نجاحه أو على الأقل مجاراته للتاريخ العريق الذي تحمله هذه الرياضة وصعوبة تجاوز التحديات الثقافية والاجتماعية والتنظيمية، إلا أن المتابع لهذه السباقات وما تحققه من تأثير واسع يذهل من القدرة على فعل هذا التأثير.
وهو تأثير مثبت بالأرقام وبحسب الموقع الرسمي للرالي، فإن التأثير الإعلامي حقق أرقاما قياسية ومن ذلك 1200 ساعة بث تلفزيوني عبر 70 قناة تلفزيونية في 190 دولة و12 ساعة من المحتوى تبث كل يوم مباشرة، وحظي الموقع الإلكتروني للرياضة بنحو 11 مليون زيارة و60 مليون مشاهدة للفيديوهات المنشورة في المنصات المختلفة مع حضور ما يضاهي ألف وسيلة إعلامية نشرت محتوى الرالي.
إن أعظم ما يلفت الانتباه في الرالي هو المشاهد العظيمة التي يسطرها الشباب السعودي في الرالي والمواقف الجميلة التي حازت إعجاب المتسابقين وتناقلت منصاتهم مظاهر أبرزت شهامة السعودي ومروءته، وذلك بتقديم يد العون والمساعدة للمتسابقين حين تعثرهم في السباق بين السهول والصحراء، وصور الترحاب التي يقدمها الكبار والصغار والقصص المميزة التي يسطرها أهالي القرى والهجر التي يمر عبرها الرالي، كانت وجها آخر أثبت معيار القدرة على إثبات نجاح أي تظاهرة ثقافية ورياضية في المملكة.
إنشرها