اضطراب ما بعد التخرج

ننتظر لحظة التخرج بفارغ الصبر ولأعوام ونتخيل تفاصيلها ومنظر القبعات المتطايرة في سماء مستقبلنا وحجم الفرح الذي سنشعر به بعد أعوام من التعب والسهر والحرمان، ويعتقد كثير من الطلبة أن التخرج هو عنق الزجاجة والحد الفاصل بينهم وبين الحياة الوردية يملؤهم الحماس ويدفعهم الطموح إلى رسم صورة مثالية لما بعد التخرج، وعندما يحين موعده يتلاشى الفرح وتتبخر كل المخططات ويحل محلها مشاعر يختلط فيها القلق مع الحزن والخوف.
التخرج مرحلة الانتقالات والتغييرات المتسارعة بين بعد عن أصدقاء الدراسة المقربين وتلاشي أصوات الأساتذة التي كانت تتسابق لتوصيل معلومة ما أو تجربة حياتيه مجانية - وكأنهم يعدونك لتلك اللحظة وما بعدها- واختفاء لأعباء المذاكرة والامتحانات وبدء مرحلة التنقل بين الدول والمدن للبحث عن فرصة عمل، كل هذا قد يؤدي بك إلى ما يعرف باسم "متلازمة التخرج" أو "اكتئاب ما بعد التخرج"، ورغم أنه ليس مرضا حقيقيا مثل الاكتئاب الإكلينيكي، إلا أنه ظاهرة حقيقية يعانيها كثير من الخريجين على اختلاف مستوياتهم!
فجأة، تدرك أنك تسبح في الفراغ وعيناك تحملقان في اللاشيء، وتحاصرك أسئلة الأهل والأصدقاء عن خطتك التالية بعد التخرج، خطوتك الأولى للدخول إلى معترك الحياة في "العالم الحقيقي" وهذا التحول يربك الشباب ويثقل كاهلهم. تقول الدكتورة راشيل أونيل، "التغيير، بشكل عام، يمكن أن يجلب مشاعر الحزن أو القلق بشأن المستقبل، لذا قد يكون من الصعب على عديد من الأفراد التغلب على هذه الضغوط الإضافية".
وزيادة على التغيير يعاني الخريجين الرفض فبينما تجد مجموعة محظوظة منهم وظائف بسهولة بعد التخرج بفترة وجيزة، يتعين على كثير من الخريجين التعامل مع الرفض الذي يواجهونه كلما تقدموا إلى وظيفة أو أنهوا مقابلة شخصية، هذا الرفض قد يدفعهم إلى فقد الثقة في أنفسهم والانطواء والحزن حتى إذا توظف قد يواجه نوعا آخر من الرفض المتمثل في عدم تقبل مجتمع الوظيفة الجديد له!
ولتتغلب على ظاهرة "اضطراب ما بعد التخرج" التي قد يصحبها انحراف سلوكي وإدمان على المخدرات نتيجة الفراغ المفاجئ، اعتن بنفسك امنحها الفرصة لتعيش تلك المشاعر السلبية والعواطف المتضاربة، لكن دون أن تتكئ على حزنك خفف من حدتها بمنح نفسك الأمل في غد أفضل، افرح بإنجازك وكافئ نفسك عليه، وارسم خريطة أخرى لأحلامك وعد الرفض إضافة إلى رصيدك من الخبرات واعلم أنك لست وحدك الذي يعاني، فبعد أيام يبدأ موسم اكتئاب ما بعد التخرج!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي